صلوات الله عليه وآله هذه الخطبة: الحمد لله الذي توحد بصنع الأشياء، وفطر أجناس البرايا على غير أصل ولا مثال سبقه في إنشائها، ولا إعانة معين على ابتداعها بل ابتدعها بلطف قدرته فامتثلت في مشيته (1) خاضعة ذليلة مستحدثة لامره.
الواحد الاحد الدائم بغير حد ولا أمد ولا زوال ولا نفاد، وكذلك لم يزل، ولا يزال، لا تغيره الأزمنة ولا تحيط به الأمكنة ولا تبلغ صفاته الألسنة ولا تأخذه نوم ولا سنة، لم تره العيون فتخبر عنه برؤية، ولم تهجم عليه العقول فتتوهم كنه صفته ولم تدر كيف هو إلا بما أخبر عن نفسه، ليس لقضائه مرد، ولا لقوله مكذب.
ابتدع الأشياء بغير تفكر ولا معين (2) ولا ظهير ولا وزير، فطرها بقدرته، وصيرها إلى (3) مشيته، وصاغ أشباحها وبرأ أرواحها واستنبط أجناسها خلقا مبروءا مذروءا (4) في. أقطار السماوات والأرضين لم يأت بشئ على غير ما أراد أن يأتي عليه ليري عباده آيات جلاله وآلائه، فسبحانه لا إله إلا هو الواحد القهار، وصلى الله على محمد وآله وسلم تسليما، اللهم فمن جهل فضل محمد صلى الله عليه وآله فإني مقر بأنك ما سطحت أرضا ولا برأت خلقا حتى أحكمت خلقه وأتقنته من نور سبقت به السلالة وأنشأت آدم له جرما، فأودعته منه قرارا مكينا ومستودعا مأمونا، وأعذته من الشيطان، وحجبته عن الزيادة والنقصان (5)، وحصلت (6) له الشرف الذي يسامى (7) به عبادك.