أم كيف تدركه الأوهام ولم تؤمر (1) الأوهام على أمره؟ وكيف تؤمر (2) الأوهام على أمره وهو الذي لا نهاية له ولا غاية؟ وكيف تكون له نهاية وغاية وهو الذي ابتدأ الغايات والنهايات؟ أم كيف تدركه العقول ولم يجعل لها سبيلا إلى إدراكه (3)؟ و كيف يكون له إدراكه (4) بسبب وقد لطف بربوبيته عن المحاسة والمجاسة (5)؟
وكيف لا يلطف عنهما من لا ينتقل عن حال إلى حال؟ وكيف ينتقل من حال إلى حال وقد جعل الانتقال نقصا وزوالا؟
فسبحانك ملأت كل شئ، وباينت كل شئ، فأنت الذي لا يفقدك شئ، وأنت الفعال لما تشاء، تبارك يامن كل مدرك من خلقه، وكل محدود من صنعه، أنت الذي لا يستغني عنك المكان (6)، ولا نعرفك إلا بانفرادك بالوحدانية والقدرة، و سبحانك ما أبين اصطفاءك لإدريس على من سلك من الحاملين (7)، لقد جعلت له دليلا من كتابك إذ سميته صديقا نبيا " ورفعته مكانا عليا وأنعمت عليه نعمة حرمتها على خلقك إلا من نقلت إليه نور الهاشميين، وجعلته أول منذر من أنبيائك.
ثم أذنت في انتقال محمد (8) صلى الله عليه وآله من القابلين له متوشلخ ولمك المفضيين إلى نوح (9)، فأي آلائك يا رب على (10) ذلك لم توله؟ وأي خواص كرامتك لم تعطه؟ ثم أذنت في إيداعه ساما دون حام ويافث، فضرب لهما بسهم في الذلة، وجعلت ما أخرجت