بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٥ - الصفحة ٢٠٤
فكان الوقوف عليه والعلم به وكشف حجابه بعد السنين المتطاولة والأحوال المجرمة (1) والأدوار المكررة من كرامات الإمام موسى عليه السلام ومعجزاته ولتصح نسبة العصمة إليه، وتصدق على آبائه البررة الكرام وتزول الشبهة التي عرضت من ظاهر هذا الكلام.
وتقريره أن الأنبياء والأئمة عليهم السلام تكون أوقاتهم مشغولة بالله تعالى، وقلوبهم مملوة به وخواطرهم متعلقة بالملا الاعلى، وهم أبدا في المراقبة كما قال عليه السلام: " اعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك ".
فهم أبدا متوجهون إليه ومقبلون بكلهم عليه، فمتى انحطوا عن تلك الرتبة العالية والمنزلة الرفيعة إلى الاشتغال بالمأكل والمشرب والتفرغ إلى النكاح وغيره من المباحات عدوه ذنبا واعتقدوه خطيئة، واستغفروا منه.
ألا ترى أن بعض عبيد أبناء الدنيا لو قعد وأكل وشرب ونكح وهو يعلم أنه بمرئى من سيده ومسمع لكان ملوما عند الناس ومقصرا فيما يجب عليه من خدمة سيده ومالكه؟ فما ظنك بسيد السادات وملك الاملاك (2)؟ وإلى هذا أشار عليه السلام:
إنه ليغان (3) على قلبي وإني لاستغفر بالنهار سبعين مرة " ولفظة السبعين إنما هي

(1) عام مجرم أي تام.
(2) في نسخة: ومالك الملاك.
(3) قال الطريحي: في الخبر انه ليغان على قلبي فاستغفر الله في اليوم والليلة مائة مرة قال البيضاوي في شرح المصابيح: الغين لغة في الغيم وغان على قلبي كذا أي غطاه قال أبو عبيدة في معنى الحديث: أي يتغشى قلبي ما يلبسه، وقد بلغنا عن الأصمعي انه سئل عن هذا الحديث فقال للسائل: عن قلب من يروى هذا؟ فقال: عن قلب النبي صلى الله عليه وآله فقال لو كان عن غير النبي صلى الله عليه وآله لكنت أفسره لك، قال القاضي: ولله در الأصمعي في انتهاجه منهج الأدب إلى أن قال: نحن بالنور المقتبس من مشكاتهم نذهب ونقول: لما كان قلب النبي صلى الله عليه وآله أتم القلوب صفاء وأكثرها ضياء وأعرفها عرفا وكان صلى الله عليه وآله مبينا مع ذلك لشرائع الملة وتأسيس السنة ميسرا غير معسر لم يكن له بد من النزول إلى الرخص والالتفات إلى حظوظ النفس مع ما كان ممتنعا به من احكام البشرية فكأنه إذا تعاطى شيئا من ذلك أسرعت كدورة ما إلى القلب لكمال رقته وفرط نورانيته فان الشئ كلما كان أصفى كانت الكدورة عليه أبين واهدى، وكان صلى الله عليه وآله إذا أحس بشئ من ذلك عده على النفس ذنبا فاستغفر منه.
(٢٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 * أبواب * * خلقهم وطينتهم وأرواحهم صلوات الله عليهم * 1 - باب بدء أرواحهم وطينتهم عليهم السلام وأنهم من نور واحد 1
2 2 - باب أحوال ولادتهم عليهم السلام وانعقاد نطفهم وأحوالهم في الرحم وعند الولادة وبركات ولادتهم عليهم السلام وفيه بعض غرائب علومهم وشؤنهم 36
3 3 - باب الأرواح التي فيهم وأنهم مؤيدون بروح القدس، ونور إنا أنزلناه في ليلة القدر وبيان نزول السورة فيهم عليهم السلام 47
4 4 - باب أحوالهم عليهم السلام في السن 100
5 * أبواب * * علامات الامام وصفاته وشرائطه وما ينبغي أن ينسب اليه * * وما لا ينبغي * 1 - باب أن الأئمة من قريش، وأنه لم سمي الامام اماما 104
6 2 - باب أنه لا يكون إمامان في زمان واحد إلا وأحدهما صامت 105
7 3 - باب عقاب من ادعى الإمامة بغير حق أو رفع راية جور أو أطاع إماما جائرا 110
8 4 - باب جامع في صفات الامام وشرائطه الإمامة 115
9 5 - باب آخر في دلالة الإمامة وما يفرق به بين دعوى المحق والمبطل وفيه قصة حبابة الوالبية وبعض الغرائب 175
10 6 - باب عصمتهم ولزوم عصمة الامام عليهم السلام 191
11 7 - باب معنى آل محمد وأهل بيته وعترته ورهطه وعشيرته وذريته صلوات الله عليهم أجمعين 212
12 8 - باب آخر في أن كل سبب ونسب منقطع إلا نسب رسول الله صلى الله عليه وآله وسببه 246
13 9 - باب أن الأئمة من ذرية الحسين عليهم السلام وأن الإمامة بعده في الأعقاب ولا تكون في أخوين 249
14 10 - باب نفي الغلو في النبي والأئمة صلوات الله عليه وعليهم، وبيان معاني التفويض وما لا ينبغي أن ينسب إليهم منها وما ينبغي 261
15 فصل في بيان التفويض ومعانيه 328
16 11 - باب نفي السهو عنهم عليهم السلام 350
17 12 - باب أنه جرى لهم من الفضل والطاعة مثل ما جرى لرسول الله صلى الله عليهم وأنهم في الفضل سواء 352
18 13 - باب غرائب أفعالهم وأحوالهم عليهم السلام ووجوب التسليم لهم في جميع ذلك 364