فكان الوقوف عليه والعلم به وكشف حجابه بعد السنين المتطاولة والأحوال المجرمة (1) والأدوار المكررة من كرامات الإمام موسى عليه السلام ومعجزاته ولتصح نسبة العصمة إليه، وتصدق على آبائه البررة الكرام وتزول الشبهة التي عرضت من ظاهر هذا الكلام.
وتقريره أن الأنبياء والأئمة عليهم السلام تكون أوقاتهم مشغولة بالله تعالى، وقلوبهم مملوة به وخواطرهم متعلقة بالملا الاعلى، وهم أبدا في المراقبة كما قال عليه السلام: " اعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك ".
فهم أبدا متوجهون إليه ومقبلون بكلهم عليه، فمتى انحطوا عن تلك الرتبة العالية والمنزلة الرفيعة إلى الاشتغال بالمأكل والمشرب والتفرغ إلى النكاح وغيره من المباحات عدوه ذنبا واعتقدوه خطيئة، واستغفروا منه.
ألا ترى أن بعض عبيد أبناء الدنيا لو قعد وأكل وشرب ونكح وهو يعلم أنه بمرئى من سيده ومسمع لكان ملوما عند الناس ومقصرا فيما يجب عليه من خدمة سيده ومالكه؟ فما ظنك بسيد السادات وملك الاملاك (2)؟ وإلى هذا أشار عليه السلام:
إنه ليغان (3) على قلبي وإني لاستغفر بالنهار سبعين مرة " ولفظة السبعين إنما هي