كتاب المناقب باسناده إلى ابن مسعود، والانكار والاصرار فيه عناد وإلحاد، والمراد بالدعوة المذكورة فيها دعوة إبراهيم وطلب الإمامة لذريته من الله تعالى، فدلت الرواية على أن المراد بالوصاية الإمامة، وأن سبق الكفر وسجود الصنم ينافي الإمامة في ثاني الحال أيضا كما أوضحناه سابقا، فينفي إمامة الثلاثة ويصير نصا في إرادة الإمامة دون ميراث العلم والحكمة.
إن قيل: لا يلزم من هذه الرواية عدم إمامة الثلاثة إذ كما أن انتهاء الدعوة إلى النبي صلى الله عليه وآله لا يدل على عدم نبي قبله فكذلك انتهاء الدعوة إلى علي لا يدل على عدم إمام قبله، بل اللازم من الرواية أن الامام المنتهى إليه الدعوة يجب أن لا يسجد صنما قط، ولا يلزم منها أن يكون قبل الانتهاء أيضا كذلك.
قلت: قوله صلى الله عليه وآله: انتهت، بصيغة الماضي يدل علي وقوع الانتهاء عند تكلم النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وسبق إمامة غير علي عليه السلام ينافي ذلك، نعم لو قال صلى الله عليه وآله: ينتهي الدعوة (1) الخ. لكان بذلك الاحتمال (2) مجال، وليس، فظهر الفرق بين انتهاء الدعوة إلى النبي صلى الله عليه وآله وبين انتهائها إلى علي عليه السلام.
لا يقال: لو صح هذه الرواية لزم أن لا يكون باقي الأئمة إماما.
لأنا نقول: الملازمة ممنوعة، فإن الانتهاء بمعنى الوصول لا الانقطاع، وفي هذا الجواب مندوحة عما قيل: إن عدم صحة هذه الرواية لا يضرنا، إذ غرضنا إلزامهم بأن أبا بكر وعمر وعثمان ليسوا أئمة، فتأمل هذا.
ويقرب عن هذه الرواية ما رواه النسفي الحنفي في تفسير المدارك عند تفسير آية النجوى عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وآله عن مسائل (3) - إلى أن قال - قلت: وما الحق؟ قال: الاسلام والقرآن والولاية إذا انتهت إليك انتهى.