ربكم الاعلى (1)) فهذا كله على وجه إن شئت قلت: هو رجل وهو إلى جهنم ومن شايعه على ذلك، فإنهم (2) مثل قول الله: (إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير (3)) لصدقت، ثم لو أني قلت: إنه فلان ذلك كله لصدقت، إن فلانا هو المعبود المتعدي حدود الله التي نهى عنها أن يتعدى (4) ثم إني أخبرك أن الدين وأصل الدين هو رجل، وذلك الرجل هو اليقين وهو الايمان، وهو إمام أمته وأهل زمانه، فمن عرفه عرف الله ودينه، ومن أنكره أنكر الله ودينه ومن جهله جهل الله ودينه، ولا يعرف الله ودينه وحدوده وشرائعه بغير ذلك الامام كذلك جرى بأن معرفة الرجال (5) دين الله، والمعرفة على وجهين: معرفة ثابتة على بصيرة يعرف بها دين الله ويوصل بها إلى معرفة الله، فهذه المعرفة الباطنة الثابتة بعينها الموجبة حقها المستوجب أهلها عليها الشكر لله التي من عليهم بها من من الله يمن به على من يشاء مع المعرفة الظاهرة ومعرفة في الظاهر، فأهل المعرفة في الظاهر الذين علموا أمرنا بالحق على غير علم لا تلحق (6) بأهل المعرفة في الباطن على بصيرتهم، ولا يصلون بتلك المعرفة المقصرة إلى حق معرفة الله كما قال في كتابه: (ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة إلا من شهد بالحق وهم يعلمون (7)) فمن شهد شهادة الحق لا يعقد عليه قلبه ولا يبصر ما يتكلم به لا يثاب عليه مثل ثواب من عقد عليه قبله على بصيرة فيه، كذلك من تكلم بجور لا يعقد عليه قلبه لا يعاقب عليه عقوبة من عقد عليه قلبه وثبت على بصيرة، فقد عرفت كيف كان حال رجال أهل المعرفة
(٢٩٠)