في الظاهر والاقرار بالحق على غير علم في قديم الدهر وحديثه إلى أن انتهى الامر إلى نبي الله وبعده إلى من صاروا إلى من انتهت (1) إليه معرفتهم، وإنما عرفوا بمعرفة أعمالهم ودينهم الذي دان (2) الله به المحسن بإحسانه، والمشئ بإساءته، وقد يقال: إنه من دخل في هذا الامر بغير يقين ولا بصيرة خرج منه كما دخل فيه، رزقنا الله وإياك معرفة ثابتة على بصيرة.
وأخبرك أني لو قلت: إن الصلاة والزكاة وصوم شهر رمضان والحج والعمرة والمسجد الحرام والبيت الحرام والمشعر الحرام والطهور والاغتسال من الجنابة وكل فريضة كان ذلك هو النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي جاء به من عند ربه لصدقت لان ذلك كله إنما يعرف بالنبي، ولولا معرفة ذلك النبي والايمان به والتسليم له ما عرف ذلك، فذلك من من الله على من يمن (3) عليه، ولولا ذلك لم يعرف شيئا من هذا، فهذا كله ذلك النبي وأصله، وهو فرعه، وهو دعاني إليه ودلني عليه وعرفنيه وأمرني به وأوجب علي له الطاعة فيما أمرني به لا يسعني جهله، و كيف يسعني جهل من هو فيما بيني وبين الله؟ وكيف يستقيم لي لولا أني أصف أن ديني هو الذي أتاني به ذلك النبي أن أصف أن الدين غيره، وكيف لا يكون ذلك معرفة الرجل وإنما هو الذي جاء به عن الله، وإنما أنكر الدين من أنكره بأن قالوا: (أبعث الله بشرا رسولا (4)) ثم قالوا: (أبشر يهدوننا (5)) فكفروا بذلك الرجل وكذبوا به، وقالوا: (لولا انزل عليه ملك (6)) فقال الله: (قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا وهدى للناس (7) ثم قال في آية أخرى: