من أرض كما قبلت دم هابيل، فبكى آدم على هابيل أربعين ليلة، ثم إن آدم سأل ربه ولدا فولد له غلام فسماه هبة الله، لان الله وهبه له وأخته توأم، فلما انقضت نبوة آدم واستكملت أيامه أوحى الله إليه: أن يا آدم قد قضيت (1) نبوتك واستكملت أيامك، فاجعل العلم الذي عندك والايمان والاسم الأكبر وميراث العلم وآثار علم النبوة في العقب من ذريتك عند هبة الله ابنك، فإني لم أقطع العلم والايمان والاسم الأعظم وآثار علم النبوة من العقب من ذريتك إلى يوم القيامة، ولن أدع الأرض إلا وفيها عالم يعرف به ديني، ويعرف به طاعتي، و يكون نجاة لمن يولد فيما بينك وبين نوح.
وبشر آدم بنوح، وقال: إن الله باعث نبيا اسمه نوح، فإنه يدعو إلى الله ويكذبه قومه فيهلكهم الله بالطوفان، فكان بين آدم وبين نوح عشرة آباء كلهم أنبياء، وأوصى آدم إلى هبة الله أن من أدركه منكم فليؤمن به وليتبعه وليصدق به، فإنه ينجو من الغرق، ثم إن آدم مرض المرضة التي مات فيها، فأرسل هبة الله فقال له: إن لقيت جبرئيل أو من لقيت من الملائكة فاقرأه مني السلام، وقل له: يا جبرئيل إن أبي يستهديك من ثمار الجنة (2) فقال جبرئيل: يا هبة الله إن أباك قد قبض صلى الله عليه وآله وما نزلنا إلا للصلاة عليه فارجع، فرجع فوجد آدم قد قبض، فأراه جبرئيل كيف يغسله، فغسله حتى إذا بلغ الصلاة عليه، قال هبة الله: يا جبرئيل تقدم فصل على آدم، فقال له جبرئيل: إن الله أمرنا أن نسجد لأبيك آدم وهو في الجنة، فليس لنا أن نؤم شيئا (3) من ولده، فتقدم هبة الله فصلى على أبيه آدم وجبرئيل خلفه، وجنود الملائكة، وكبر عليه ثلاثين تكبيرة فأمره جبرئيل، فرفع من ذلك خمسا وعشرين تكبيرة، والسنة اليوم فينا خمس تكبيرات، وقد كان يكبر على أهل بدر تسعا وسبعا.