وقال رحمه الله في قوله: " ثم أورثنا الكتاب " أي القرآن أو التوراة، أو مطلق الكتب " الذين اصطفينا من عبادنا " قيل: هم الأنبياء، وقيل: هم علماء أمة محمد صلى الله عليه وآله، والمروي عن الباقر والصادق عليهم السلام أنهما قالا: هي لنا خاصة، وإيانا عنى، وهذا أقرب الأقوال " فمنهم ظالم لنفسه " اختلف في مرجع الضمير على قولين: أحدهما أنه يعود إلى العباد، واختاره المرتضى رضي الله عنه والثاني أنه يعود إلى المصطفين، ثم اختلف في أحوال الفرق الثلاث على قولين:
أحدهما أن جميعهم ناج، ويؤيده ما ورد في الحديث عن أبي الدرداء قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول في الآية: أما السابق فيدخل الجنة بغير حساب، وأما المقتصد فيحاسب حسابا يسيرا، وأما الظالم لنفسه فيحبس في المقام ثم يدخل الجنة فهم الذين قالوا: الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن.
وروى أصحابنا عن ميسر بن عبد العزيز عن الصادق عليه السلام أنه قال: الظالم لنفسه منا من لا يعرف حق الامام، والمقتصد منا العارف بحق الامام، والسابق بالخيرات هو الامام، وهؤلاء كلهم مغفور لهم.
وعن زياد بن المنذر عن أبي جعفر عليه السلام أما الظالم لنفسه منا فمن عمل عملا صالحا وآخر سيئا، وأما المقتصد فهو المتعبد المجتهد، وأما السابق بالخيرات فعلى والحسن والحسين عليهم السلام ومن قتل من آل محمد شهيدا.
والقول الآخر أن الفرقة الظالمة (1) غير ناجية، قال قتادة: الظالم من أصحاب المشئمة، والمقتصد أصحاب الميمنة، والسابق هم السابقون المقربون " بإذن الله " أي بأمره وتوفيقه ولطفه (2).
1 - تفسير علي بن إبراهيم: ثم ذكر آل محمد فقال: " ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا " وهم الأئمة عليهم السلام، قال: " فمنهم ظالم لنفسه " من آل محمد غير الأئمة، وهو الجاحد للامام " ومنهم مقتصد " وهو المقر بالامام " ومنهم سابق بالخيرات باذن -