وكل من سمعنا عنه فيما مضى بخلاف ما حكيناه فليس أولا (1) إذا صح ذلك عنه ممن يعترض بقوله على الاجماع لشذوذه، وأكثر من يدعى عليه هذا القول الواحد والاثنان، وليس بمثل هذا اعتراض على الاجماع، ثم إنك لا تجد أحدا ممن يدعى عليه هذا من جملة علماء أهل البيت، ولا من ذوي الفضل منهم، ومتى فتشت عن أمره وجدته متعرضا بذلك لفائدة مولعا به على بعض أغراض الدنيا، ومتى طرقنا الاعتراض بالشذوذ والآحاد على الجماعات أدى ذلك (2) إلى بطلان استقرار الاجماع في شئ من الأشياء، لأنا نعلم أن في الغلاة والإسماعيلية من يخالف في الشرائع وأعداد الصلاة (3) وغيرها، ومنهم يذهب إلى أنه كان بعد الرسول عدة أنبياء، وأن الرسالة ما انختمت به، ومع ذلك فلا يمنعنا (4) هذا من أن ندعي الاجماع على انقطاع النبوة، وتقرر أصول الشرائع (5)، ولا يعتد بخلاف من ذكرناه، ومعلوم ضرورة أنهم أضعاف من أظهر من أهل البيت خلاف المذهب الذي ذكرناه في الإمامة، على أنا قد شاهدنا وناظرنا بعض من يعد في جملة الفقهاء وأهل الفتيا على أن الله تعالى يعفو عن اليهود والنصارى وإن لم يؤمنوا ولا يعاقبهم وعلى غير ذلك مما لا شك في أن الاجماع حجة فيه، على أنا لو جعلنا القول بذلك معترضا على أدلتنا على إجماع أهل البيت (6) وقلنا بقول من يحكى ذلك عنه لم يقدح فيما ذكرناه، لان في المعلوم (7) أن أزمنة كثيرة لا يعرف فيها قائل بهذا المذهب من أهل البيت كزماننا هذا وغيره، وإنا لم نشاهد في وقتنا (8) قائلا بالمذهب الذي أفسدناه
(١٦٠)