بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٣ - الصفحة ١٦٢
في كل حال وممكنة إصابتها في كل زمان وجب مثل ذلك في قول العترة المقرون بها، والمحكوم له بمثل حكمها، وهذا لا يتم إلا بأن يكون فيها في كل حال من قوله حجة، لان إجماعها على الأمور ليس بواجب على ما بيناه، والرجوع (1) إليهما مع الاختلاف وفقد المعصوم لا يصح، فلابد مما ذكرناه.
وأما الاخبار الثلاثة التي أوردها على سبيل المعارضة للخبر الذي تعلقنا به فأول ما فيها أنها لا تجري مجرى خبرنا في القوة والصحة، لان خبرنا مما نقله المختلفون، وسلمه المتنازعون، وتلقته الأمة بالقبول، وإنما وقع اختلافهم في تأويله، والاخبار التي عارض بها لا يجري هذا المجرى، لأنها مما تفرد المخالف بنقله، وليس فيها إلا ما إذا كشفت عن أصله وفتشت عن سنده ظهر لك انحراف من راويه، وعصبية من مدعيه، وقد بينا فيما تقدم سقوط المعارضة بما يجري هذا المجرى من الاخبار.
فأما ما رواه من قوله: " اقتدوا بالذين من بعدي " فقد تقدم الكلام عليه عند معارضته بهذا الخبر استدلالنا بخبر الغدير واستقصيناه هناك فلا معنى لإعادته (2).

(١) في المصدر: والرجوع إليها.
(٢) فذكر بعد بيان ان هذا الخبر لا يدانى خبر الغدير لأنه من الاخبار الآحاد، و خبر الغدير من الأخبار المتواترة، ومما أجمعت الأمة على قبوله وجوها في تضعيفه وعدم دلالته، منها ان راوي الخبر عبد الملك بن عمير وهو من شيع بنى أمية وممن تولى القضاء لهم وكان شديد النصب والانحراف عن أهل البيت ظنينا في نفسه وأمانته، وروى أنه كان يمر على أصحاب الحسين عليه السلام وهم جرحى فيجهز عليهم فلما عوتب قال: أريد ان أريحهم ومنها ان الامر بالرجلين يستحيل لأنهما مختلفان في كثير من احكامهما وأفعالهما، والاقتداء بالمختلفين والاتباع لهما متعذر غير ممكن، ومنها ان ذلك يقتضى عصمتهما وليس هذا بقول لأحد فيهما، ومنها انه لو كان ثابتا لاحتج به أبو بكر لنفسه في السقيفة ولما يعدل إلى رواية ان الأئمة من قريش، ولأحتج به أيضا على طلحة لما نازعه على نصبه لعمر، ولما احتج بقوله:
أقول: يا رب وليت عليهم خير أهلك، وأيضا لو كان الخبر صحيحا لكان حاظرا مخالفة الرجلين وموجبا لموافقتهما في جميع أقوالهما وأفعالهما مع أن كثيرا من الصحابة قد خالفهما في كثير من احكامهما، وكان يجب ان ينبها المخالفين على مقتضى هذا الخبر ان مخالفتهما محظور و ممنوع، على أن ذلك لو اقتضى النص بالإمامة لاقتضى ما رووه عنه صلى الله عليه وآله من قوله:
" أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم " امامة الكل، وكذلك ما رووه من أنه قال: " اهتدوا بهدى عمار، وتمسكوا بعهد ابن أم عبد " ولو جاوزنا ذلك وسلمنا صحة الخبر لم يكن فيه تصريح بنص لأنه مجمل لم يبين في أي شئ يقتدى بهما، كما إن قوله: بعدى أيضا مجمل ليس فيه دلالة على أن المراد بعد وفاتي، أو بعد حال أخرى من أحوالي، ولهذا قال بعض أصحابنا ان سبب هذا الخبر ان النبي صلى الله عليه وآله كان سالكا بعض الطريق وهما متأخرين عنه فقال صلى الله عليه وآله لبعض من سأله عن الطريق الذي يسلكه في اللحوق به: اقتدوا باللذين من بعدى.
أقول: ويبطله أيضا أحاديث رووها في عدم استخلاف النبي صلى الله عليه وآله كقوله:
" لو كنت مستخلفا أحدا لاستخلفت أبا بكر " ويبطله أيضا إحالة أبى بكر الامر يوم السقيفة إلى أبى عبيدة وعمر. وتخلف بني هاشم ووجوه من الصحابة كأبى ذر وسلمان وعمار ومقداد وسعد بن عبادة وجماعة من الأنصار عن بيعته. واقرار عمر بعدم استخلاف النبي صلى الله عليه وآله في مواضع متعددة.
(١٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 1 - باب الاضطرار إلى الحجة وأن الأرض لا تخلو من حجة 1
3 2 - باب آخر في اتصال الوصية وذكر الأوصياء من لدن آدم إلى آخر الدهر 57
4 3 - باب أن الإمامة لا تكون إلا بالنص، ويجب على الامام النص على من بعده 66
5 - باب وجوب معرفة الامام وأنه لا يعذر الناس بترك الولاية وأن من مات لا يعرف إمامه أو شك فيه مات ميتة جاهلية وكفر ونفاق 76
6 5 - باب أن من أنكر واحدا منهم فقد أنكر الجميع 95
7 6 - باب أن الناس لا يهتدون إلا بهم، وأنهم الوسائل بين الخلق وبين الله، وأنه لا يدخل الجنة إلا من عرفهم 99
8 7 - باب فضائل أهل بيت عليهم السلام والنص عليهم جملة من خبر الثقلين والسفينة وباب حطة وغيرها 104
9 * أبواب * * الآيات النازلة فيهم * 8 - باب أن آل يس آل محمد صلى الله عليه وآله 167
10 9 - باب أنهم عليهم السلام الذكر، وأهل الذكر وأنهم المسؤولون وأنه فرض على شيعتهم المسألة، ولم يفرض عليهم الجواب 172
11 10 - باب أنهم عليهم السلام أهل علم القرآن، والذين أوتوه والمنذرون به والراسخون في العلم 188
12 11 - باب أنهم عليهم السلام آيات الله وبيناته وكتابه 206
13 12 - باب أن من اصطفاه الله من عباده وأورثه كتابه هم الأئمة عليهم السلام، وأنهم آل إبراهيم وأهل دعوته 212
14 13 - باب أن مودتهم أجر الرسالة، وسائر ما نزل في مودتهم 228
15 14 - باب آخر في تأويل قوله تعالى وإذا الموؤدة سئلت بأي ذنب قتلت 254
16 15 - باب تأويل الوالدين والولد والأرحام وذوي القربى بهم عليهم السلام 257
17 16 - باب أن الأمانة في القرآن الإمامة 273
18 17 - باب وجوب طاعتهم، وأنها المعنى بالملك العظيم، وأنهم أولو الامر، وأنهم الناس المحسودون 283
19 18 - باب أنهم أنوار الله، وتأويل آيات النور فيهم عليهم السلام 304
20 19 - باب رفعة بيوتهم المقدسة في حياتهم وبعد وفاتهم عليهم السلام وأنها المساجد المشرفة 325
21 20 - باب عرض الأعمال عليهم عليهم السلام وأنهم الشهداء على الخلق 333
22 21 - باب تأويل المؤمنين والايمان، والمسلمين والاسلام، بهم وبولايتهم عليهم السلام والكفار والمشركين، والكفر والشرك والجبت والطاغوت واللات والعزى والأصنام بأعدائهم ومخالفيهم 354
23 22 - باب نادر في تأويل قوله تعالى: (قل إنما أعظكم بواحدة) 391