بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٩ - الصفحة ٢٢
رسول الله صلى الله عليه وآله كذلك أياما يذهب ويأتي لا يتعرض له أحد من قريش، وهابوا أبا لهب إذا جاء عقبة بن أبي معيط وأبو جهل إلى أبي لهب فاحتالا حتى صرفاه عن نصرته صلى الله عليه وآله. (1) وفي هذه السنة خرج إلى الطائف وإلى ثقيف، عن محمد بن جبير قال: لما توفي أبو طالب تناولت قريش من رسول الله صلى الله عليه وآله، فخرج إلى الطائف ومعه زيد بن حارثة وذلك في ليال بقين من شوال سنة عشر من النبوة، فأقام بها عشرة أيام، وقيل:
شهرا، فآذوه ورموه بالحجارة، فانصرف إلى مكة، فلما نزل نخلة صرف الله إليه النفر من الجن، وروي أنه لما انصرف من الطائف عمد إلى ظل حبلة من عنب فجلس فيه وقال: " اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، أنت أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين، وأنت ربي إلى من تكلني؟
إلى بعيد يتجهمني، (2) أو إلى عدو ملكته أمري؟ إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي، ولكن عافيتك هي أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن ينزل بي غضبك، أو يحل علي سخطك، لكن لك العتبى (3) حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك ".

(1) هكذا في النسخ، والموجود في المصدر يغايره وهو هكذا، إذ جاء عقبة ابن أبي معيط وأبو جهل إلى أبى لهب فقالا له: أخبرك ابن أخيك أين مدخل أبيك؟ فقال له أبو لهب: يا محمد أين مدخل عبد المطلب؟ قال: مع قومه، فخرج أبو لهب إليهم فقال:
قد سألته فقال: مع قومه، فقالا: يزعم أنه في النار. فقال: يا محمد أيدخل عبد المطلب النار؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: نعم، ومن مات على مثل ما مات عليه عبد المطلب دخل النار، فقال أبو لهب والله ما برحت لك عدوا أبدا وأنت تزعم أن عبد المطلب في النار، فاشتد عليه وسائر قريش انتهى. أقول لعل المصنف اختصره لغرابته وانه خلاف المذهب، وقصة أبى لهب من أولها إلى آخرها الرواية منفردة بها، ولم نظفر بأولها في رواية أخرى. وآخرها ينافي مذهب الإمامية في ايمان آباء النبي صلى الله عليه وآله والامر فيها هين لأنها مروية من طرق العامة، لا يعتمد عليها.
(2) تجهمه: استقبله بوجه عبوس كريه.
(3) العتبى: الرضى.
(٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 ... » »»
الفهرست