بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٩ - الصفحة ٢٦
نريد أن تعرفنا يا رسول الله ما لله علينا، وما لك علينا، وما لنا على الله، فقال: أما ما لله عليكم فأن تعبدوه، ولا تشركوا به شيئا، وأما ما لي عليكم فتنصرونني مثل نسائكم وأبنائكم، وأن تصبروا على عض السيف وإن يقتل خياركم، قالوا: فإذا فعلنا ذلك ما لنا على الله؟ قال: أما في الدنيا فالظهور على من عاداكم، وفي الآخرة رضوانه والجنة، فأخذ البراء بن معرور بيده ثم قال: والذي بعثك بالحق لنمنعك (1) بما نمنع به ازرنا، فبايعنا يا رسول الله فنحن والله أهل الحروب، و أهل الحلفة، ورثناها كبارا عن كبار، فقال أبو الهيثم: إن بيننا وبين الرجال حبالا، وإنا إن قطعناها أو قطعوها فهل عسيت إن فعلنا ذلك ثم أظهرك الله أن ترجع إلى قومك وتدعنا؟ فتبسم رسول الله صلى الله عليه وآله، ثم قال: بل الدم الدم، والهدم الهدم، أحارب من حاربتم وأسالم من سالمتم، ثم قال: أخرجوا إلي منكم اثني عشر نقيبا، فاختاروا، ثم قال: أبايعكم كبيعة عيسى بن مريم للحواريين كفلاء على قومهم بما فيهم، وعلى أن تمنعوني مما تمنعون منه نساءكم وأبناءكم، فبايعوه على ذلك، فصرخ الشيطان في العقبة: يا أهل الجباجب هل لكم في محمد والصباة معه؟
قد اجتمعوا على حربكم، ثم نفر الناس من منى، وفشا الخبر فخرجوا في الطلب فأدركوا سعد بن عبادة والمنذر بن عمرو، فأما المنذر فأعجز القوم، وأما سعد فأخذوه وربطوه بنسع (2) رحله، وأدخلوه مكة يضربونه، فبلغ خبره إلى جبير بن مطعم والحارث ابن حرب بن أمية فأتياه وخلصاه، وكان النبي صلى الله عليه وآله لم يؤمر إلا بالدعاء والصبر على الأذى، والصفح عن الجاهل، فطالت قريش على المسلمين، فلما كثر عتوهم امر بالهجرة، فقال صلى الله عليه وآله: إن الله قد جعل لكم دارا وإخوانا تأمنون بها فخرجوا أرسالا حتى لم يبق مع النبي صلى الله عليه وآله إلا علي وأبو بكر، فحذرت قريش خروجه، وعرفوا أنه قد أجمع لحربهم، فاجتمعوا في دار الندوة وهي دار قصي بن

(1) في نسخة: لنمنعنك.
(2) النسع: سير أو حبل عريض طويل تشد به الرحال.
(٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 ... » »»
الفهرست