بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٩ - الصفحة ٢٣
قال: ولما دخل مكة كان يقف بالموسم على القبائل فيقول: يا بني فلان إني رسول الله إليكم، يأمركم أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا، وكان خلفه أبو لهب فيقول: لا تطيعوه، وأتى رسول الله صلى الله عليه وآله كندة في منازلهم فدعاهم إلى الله عز وجل فأبوا، وأتى كلبا في منازلهم فلم يقبلوا منه، وأتى بني حنيفة في منازلهم فردوا عليه أقبح رد.
وفي هذه السنة تزوج رسول الله بعائشة وسوده، وكانت عائشة بنت ست سنين حينئذ، وروي لما هلكت خديجة جاءت خولة بنت حكيم امرأة عثمان بن مظعون فقالت: يا رسول الله ألا تتزوج؟ قال: من؟ قالت: إن شئت بكرا، وإن شئت ثيبا قال: فمن البكر؟ قالت: بنت أبي بكر، قال: ومن الثيب؟ قالت: سودة بنت زمعة قد آمنت بك واتبعتك على ما تقول، قال: فاذهبي فاذكريهما علي، فذهبت إلى أبويهما وخطبتهما فقبلا وتزوجهما.
وفي سنة إحدى عشرة من نبوته كان بدء إسلام الأنصار، وذلك ما روي أن رسول الله صلى الله عليه وآله خرج في الموسم يعرض نفسه على القبائل فبينا هو على العقبة إذ لقي رهطا من الخزرج، فقال: من أنتم: فقالوا: من الخزرج، قال: أفلا تجلسون أكلمكم؟ قالوا: بلى، فجلسوا معه فدعاهم إلى الله عز وجل، وعرض عليهم الاسلام، وتلا عليهم القرآن، وكان أولئك يسمعون من اليهود أنه قد أظل زمان نبي يبعث، فلما كلمهم قال بعضهم لبعض: والله إنه للنبي الذي يعدكم به اليهود فلا يسبقنكم إليه، وانصرفوا راجعين إلى بلادهم وقد آمنوا، وكانوا ستة أنفس:
أسعد بن زرارة، وعون بن الحارث وهو ابن عفراء، ورافع بن مالك بن عجلان، و قطبة بن عامر بن حديدة، وعقبة بن عامر، وجابر بن عبد الله، فلما قدموا المدينة على قومهم ذكروا لهم رسول الله صلى الله عليه وآله ودعوهم إلى الاسلام حتى فشا فيهم دينهم فلم يبق دار من دور الأنصار إلا وفيها ذكر رسول الله صلى الله عليه وآله.
وفي سنة اثنتي عشرة من نبوته كان المعراج، وفي هذه السنة كانت بيعة العقبة الأولى، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وآله خرج عامئذ إلى الموسم، وقد قدم من الأنصار
(٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 ... » »»
الفهرست