بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٩ - الصفحة ٣٣
الدين " إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق " أي إلا أن يطلبوا منكم النصرة على قوم من المشركين بينكم وبينهم أمان وعهد يجب الوفاء به فلا تنصروهم عليهم لما فيه من نقض العهد " والذين كفروا بعضهم أولياء بعض " أي أنصار بعض أو أولى ببعض في الميراث " إلا تفعلوه " أي ما أمرتم به في الآية الأولى والثانية " تكن فتنة في الأرض وفساد كبير " على المؤمنين الذين لم يهاجروا، والفتنة: المحنة بالميل إلى الضلال، والفساد الكبير: ضعف الايمان (1).
وقال في قوله تعالى: " إلا تنصروه فقد نصره الله ": أي إن لم تنصروا النبي صلى الله عليه وآله على قتال العدو فقد فعل الله به النصر " إذ أخرجه الذين كفروا " من مكة فخرج يريد المدينة " ثاني اثنين إذ هما في الغار " يعني أنه كان هو وأبو بكر في الغار ليس معهما ثالث (2)، وأراد به هنا غار ثور، وهو جبل بمكة " إذ يقول لصاحبه " أي إذ يقول الرسول صلى الله عليه وآله لأبي بكر: " لا تحزن " أي لا تخف " إن الله معنا " يريد أنه مطلع علينا، عالم بحالنا، فهو يحفظنا وينصرنا، قال الزهري:
لما دخل رسول الله صلى الله عليه وآله وأبو بكر الغار أرسل الله زوجا من الحمام حتى باضا في أسفل الثقب (3)، والعنكبوت حتى نسج بيتا، فلما جاء سراقة بن مالك في طلبهما فرأى بيض الحمام وبيت العنكبوت قال: لو دخله أحد لانكسر البيض وتفسخ (4) بيت العنكبوت فانصرف، وقال النبي صلى الله عليه وآله: " اللهم أعم أبصارهم " فعميت أبصارهم عن دخوله، وجعلوا يضربون يمينا وشمالا حول الغار. وقال أبو بكر: لو نظروا (5) إلى أقدامهم لرأونا، ونزل رجل من قريش فبال على باب الغار، فقال أبو بكر:
قد أبصرونا يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: لو أبصرونا ما استقبلونا بعوراتهم

(1) مجمع البيان 4: 561 و 562.
(2) زاد في المصدر: أي وهو أحد اثنين، ومعناه فقد نصره الله منفردا من كل شئ إلا من أبى بكر.
(3) في نسخة: في أسفل النقب.
(4) في نسخة: وتفتح بيت العنكبوت.
(5) في نسخة، لو نزلوا.
(٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 ... » »»
الفهرست