بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٩ - الصفحة ١١
يا أبا أمامة يقول لك خالك: لا تأتنا في نادينا (1)، ولا تفسد شباننا، واحذر الأوس على نفسك، فقال مصعب: أو تجلس فنعرض عليك أمرا، فان أحببته دخلت فيه، وإن كرهته نحينا عنك ما تكره، فجلس فقرأ عليه سورة من القرآن فقال: كيف تصنعون إذا دخلتم في هذا الامر؟ قال: نغتسل ونلبس ثوبين طاهرين، ونشهد الشهادتين، ونصلي ركعتين، فرمى بنفسه مع ثيابه في البئر، ثم خرج وعصر ثوبه ثم قال: اعرض علي، فعرض عليه شهادة " أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله " فقالها ثم صلى ركعتين، ثم قال لأسعد: يا أبا أمامة أنا أبعث إليك الآن خالك، و أحتال عليه في أن يجيئك (2)، فرجع أسيد إلى سعد بن معاذ فلما نظر إليه سعد قال: اقسم أن أسيدا قد رجع إلينا بغير الوجه الذي ذهب من عندنا، وآتاهم سعد بن معاذ فقرأ عليه مصعب " حم * تنزيل من الرحمن الرحيم (3) " فلما سمعها قال مصعب: والله لقد رأينا الاسلام في وجهه قبل أن يتكلم، فبعث إلى منزله وأتى بثوبين طاهرين، واغتسل وشهد الشهادتين، وصلى ركعتين، ثم قام وأخذ بيد مصعب و حوله إليه، وقال: أظهر أمرك، ولا تهابن أحدا، ثم جاء فوقف في بني عمرو بن عوف وصاح: يا بني عمرو بن عوف لا يبقين رجل ولا امرأة ولا بكر ولا ذات بعل ولا شيخ ولا صبي إلا أن خرج، فليس هذا يوم ستر ولا حجاب، فلما اجتمعوا قال:
كيف حالي عندكم؟ قالوا: أنت سيدنا، والمطاع فينا، ولا نرد لك أمرا، فمرنا بما شئت، فقال: كلام رجالكم ونسائكم وصبيانكم علي حرام حتى تشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، فالحمد لله الذي أكرمنا بذلك، وهو الذي كانت اليهود تخبرنا به، فما بقي دار من دور بني عمرو بن عوف في ذلك اليوم إلا وفيها مسلم أو مسلمة، وحول مصعب بن عمير إليه، وقال له: أظهر أمرك، وادع الناس علانية، وشاع الاسلام بالمدينة، وكثر، ودخل فيه من البطنين جميعا أشرافهم، و

(١) النادي: مجلس القوم ومجتمعهم.
(٢) في المصدر: وأحتال عليه في أن يجيبك.
(٣) فصلت: ١ و 2.
(١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 ... » »»
الفهرست