فجعل يضربني، فضربت أم الفضل على رأسه بعمود الخيمة، فلقت (1) رأسه شجة منكرة فعاش سبع ليال، وقد رماه الله بالعدسة (2)، ولقد تركه ابناه ثلاثا لا يدفنانه، وكانت قريش تتقي العدسة فدفنوه بأعلى مكة على جدار، وقذفوا عليه الحجارة حتى واروه.
ونزل قوله تعالى: " لقد حق القول (3) " الآيات في أبى جهل، وذلك أنه كان حلف لئن رأى محمدا يصلي ليرضخن رأسه، فأتاه وهو يصلي ومعه حجر ليد مغنه (4)، فلما رفعه أثبتت يده إلي عنقه ولزق الحجر بيده، فلما عاد إلى أصحابه وأخبرهم بما رأى سقط الحجر من يده، فقال رجل من بني مخزوم: أنا أقتله بهذا الحجر فأتاه وهو يصلي ليرميه بالحجر فأغشى الله بصره، فجعل يسمع صوته ولا يراه، فرجع إلى أصحابه فلم يرهم حتى نادوه ما صنعت؟ فقال: ما رأيته، ولقد سمعت صوته، وحال بيني وبينه كهيئة الفحل يخطر (5) بذنبه، لو دنوت منه لأكلني.
ابن عباس في قوله: " وجعلنا من بين أيديهم سدا (6) ":
إن قريشا اجتمعت فقالت: لئن دخل محمد لنقومن إليه قيام رجل واحد، فدخل النبي (صلى الله عليه وآله) فجعل الله من بين أيديهم سدا فلم يبصروه، فصلى (صلى الله عليه وآله) ثم أتاهم فجعل ينثر على رؤوسهم التراب وهم لا يرونه، فلما جلى عنهم رأوا التراب فقالوا: هذا ما سحر كم ابن أبي كبشة.
ولما نزلت الأحزاب على المدينة عبئ أبو سفيان سبعة آلاف رام كوكبة (7) واحدة ثم قال: ارموهم رشقا واحدا، فوقع في أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) سهام كثيرة، فشكوا ذلك إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فلوح إلى السهام بكمه، ودعا بدعوات فهبت ريح عاصفة فردت السهام