بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٨ - الصفحة ٣٢٨
أهلي (1)، وإذا ترابها كالمسك، وإذا جارية تنغمس في أنهار الجنة، فقلت: لمن أنت يا جارية؟ فقالت: لزيد بن حارثة، فبشرته بها حين أصبحت، وإذا بطيرها كالبخت، وإذا رمانها مثل دلي العظام، وإذا شجرة لو ارسل طائر في أصلها ما دارها سبعمائة سنة، وليس في الجنة منزل إلا وفيها قتر (2) منها، فقلت: ما هذه يا جبرئيل؟ فقال هذه شجرة طوبى قال الله: " طوبى لهم وحسن مآب (3) " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): فلما دخلت الجنة رجعت إلى نفسي فسألت جبرئيل عن تلك البحار وهولها وأعاجيبها، فقال: هي سرادقات الحجب التي احتجب الله تبارك وتعالى بها، ولولا تلك الحجب لتهتك نور العرش (4) وكل شئ فيه (5)، وانتهيت إلى سدرة المنتهى فإذا الورقة منها تظل أمة من الأمم، فكنت منها

(١) في المصدر: وبيوت أزواجي.
(٢) في المصدر: غصن منها.
(٣) الرعد: ٢٩.
(4) في نسخة امين الضرب: لتهتك عن نور العرش.
(5) في الحديث كما ترى أسرار لم يطلع عليها أحد إلى الان، ولم يكشف عنها العلوم غطاءها إلى حينذاك، كقوله: سرادقات الحجب، وهتك النور، وغيرهما، ولعل الله ادخر علم تلك الاسرار الكونية التي أفاض علمها إلى أئمتنا عليهم السلام لجيل يأتي يوما ينقر العلوم يقرا؟، يتصفح عن الحقائق الكامنة في جو العالم والكرات الواقعة في الفضاء اللايتناهى تصفحا، والأسف أن المسلمين مع تصلبهم في العمل، ونشاطهم في الأمور، وتنقيرهم عن الاسرار في زمنهم الأول أصبحوا كسالى خاملين معطلين، طائفة منهم رسخت فيهم العطالة والبطالة، ومالوا إلى العزلة، ودعوا المجتمع إليها، راجحين للانفراد على المدينة والحضارة مقلدين من كان قبلهم من أصحاب الأديار والكهوف والغيران، وصنف منهم عكفوا إلى جمع الدرهم والدينار، وانحازوا إلى الاشروا لبطر والترف، وأراحوا أنفسهم عن كد تحصيل العلوم، وتصفح الاسرار الكونية وما أودع الله علمه في كمون ذلك العالم، ولحبهم الفسوق نسوا أنفسهم فأنساهم الله ما أعد فيهم من استعدادات قوية يمكنهم الاستمداد منها على حل الاسرار وكشف ما غمض حقيقته عنا، ولتخسير القوى الطبيعية واستخدامها.
وهذه الطائفة ليسوا بأقل من غيرهم بل هم الأكثرون، سيما في قرننا المظلم آفاقه، والظالم آهله، الذي خطف أبصار أهله ما استفاد الغربيون من العلوم، وركنوا إليهم واليها واكتفوا بها فصاروا عبيدا بعد ما كانوا سادة، وتبعا بعد ما كانوا متبوعين، فهل يقظة بعد النوم؟ ونشاط بعد الكسل والفشل.
وما ظلم هؤلاء المترفون بأكثر من ظلم طائفة أخرى كلما رأوا أو سمعوا من الاسرار الكونية الواردة في الثراء العلمية من أحاديثنا يتأولونها بمعان خيالية تفهة، أو عرفانية صرفة
(٣٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 323 324 325 326 327 328 329 330 331 332 333 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 الباب 6: معجزاته في استجابة دعائه في إحياء الموتى والتكلم معهم وشفاء المرضى وغيرها زائدا عما تقدم في باب الجوامع 1
3 الباب 7: وهو من الباب الأول وفيه ما ظهر من إعجازه صلى الله عليه وآله في بركة أعضائه الشريفة وتكثير الطعام والشراب 23
4 الباب 8: معجزاته صلى الله عليه وآله في كفاية شر الأعداء 45
5 الباب 9: معجزاته صلى الله عليه وآله في استيلائه على الجن والشياطين وإيمان بعض الجن 76
6 الباب 10: وهو من الباب الأول في الهواتف من الجن وغيرهم بنبوته صلى الله عليه وآله 91
7 الباب 11: معجزاته في إخباره صلى الله عليه وآله بالمغيبات، وفيه كثير مما يتعلق بباب إعجاز القرآن 105
8 الباب 12: فيما أخبر بوقوعه بعده صلى الله عليه وآله 144
9 * أبواب أحواله صلى الله عليه وآله من البعثة إلى نزول المدينة * الباب 1: المبعث وإظهار الدعوة وما لقي صلى الله عليه وآله من القوم وما جرى بينه وبينهم وجمل أحواله إلى دخول الشعب وفيه إسلام حمزة رضي الله عنه وأحوال كثير من أصحابه وأهل زمانه 148
10 الباب 2: في كيفية صدور الوحي ونزول جبرئيل عليه السلام وعلة احتباس الوحي، وبيان أنه صلى الله عليه وآله هل كان قبل البعثة متعبدا بشريعة أم لا 244
11 الباب 3: إثبات المعراج ومعناه وكيفيته وصفته وما جرى فيه ووصف البراق 282
12 الباب 4: الهجرة إلى الحبشة وذكر بعض أحوال جعفر والنجاشي رحمهما الله 410