فقال: هؤلاء الذين ينامون عن صلاة العشاء، ثم مضيت فإذا أنا بأقوام تقذف النار في أفواههم، وتخرج من أدبارهم، فقلت: من هؤلاء يا جبرئيل؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما، إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا، ثم مضيت فإذا أنا بأقوام يريد أحدهم أن يقوم فلا يقدر من عظم بطنه، فقلت: من هؤلاء يا جبرئيل قال:
هؤلاء الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس، وإذا هم بسبيل آل فرعون: يعرضون على النار غدوا وعشيا، يقولون: ربنا متى تقوم الساعة؟
قال: ثم مضيت فإذا أنا بنسوان معلقات بثديهن، فقلت: من هؤلاء يا جبرئيل؟ فقال هؤلاء اللواتي يورثن أموال أزواجهن أولاد غيرهم، ثم قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
اشتد غضب الله على امرأة أدخلت على قوم في نسبهم من ليس منهم فاطلع على عوراتهم، وأكل خزائنهم.
قال: مررنا بملائكة من ملائكة الله عز وجل خلقهم الله كيف شاء، ووضع وجوههم كيف شاء (1) ليس شئ من أطباق أجسادهم إلا وهو يسبح الله ويحمده (2) من كل ناحية بأصوات مختلفة، أصواتهم مرتفعة بالتحميد والبكاء من خشية الله، فسألت جبرئيل عنهم، فقال: كما ترى خلقوا، إن الملك منهم إلى جنب صاحبه ما كلمه قط، ولا رفعوا رؤوسهم إلى ما فوقها ولا خفضوها إلى ما تحتها (3) خوفا من الله وخشوعا، فسلمت عليهم فردوا علي إيماء برؤوسهم لا ينظرون إلي من الخشوع، فقال لهم جبرئيل: هذا محمد نبي الرحمة، أرسله الله إلى العباد رسولا ونبيا، وهو خاتم النبوة (4) وسيدهم، أفلا تكلمونه؟
قال: فلما سمعوا ذلك من جبرئيل أقبلوا علي بالسلام، وأكرموني وبشروني بالخير لي ولامتي.