بيت لحم (1)، - وبيت لحم بناحية بيت المقدس حيث ولد عيسى بن مريم (عليه السلام) - ثم ركبت فمضينا حتى انتهينا إلى بيت المقدس فربطت (2) البراق بالحلقة التي كانت الأنبياء تربط (3) بها، فدخلت المسجد ومعي جبرئيل إلى جنبي، فوجدنا إبراهيم وموسى وعيسى فيمن شاء الله من أنبياء الله عليهم السلام قد جمعوا إلي، وأقيمت الصلاة (4)، ولا أشك إلا وجبرئيل سيتقدمنا (5) فلما استووا أخذ جبرئيل بعضدي فقدمني وأممتهم ولا فخر، ثم أتاني الخازن بثلاثة أوان: إناء فيه لبن وإناء فيه ماء، وإناء فيه خمر، وسمعت قائلا يقول: إن أخذ الماء غرق وغرقت أمته، وإن أخذ الخمر غوي وغويت أمته، وإن أخذ اللبن هدي وهديت أمته، قال: فأخذت اللبن وشربت منه، فقال لي جبرئيل: هديت وهديت أمتك، ثم قال لي:
ماذا رأيت في مسيرك؟ فقلت: ناداني مناد عن يميني، فقال لي: أو أجبته؟ فقلت: لا ولم ألتفت إليه، فقال: ذلك داعي اليهود، لو أجبته لتهودت أمتك من بعدك، ثم قال: ماذا رأيت؟ فقلت: ناداني مناد عن يساري، فقال لي: أو أجبته؟ فقلت: لا ولم ألتفت إليه، فقال: ذاك داعي النصارى لو أجبته لتنصرت أمتك من بعدك، ثم قال: ماذا استقبلك؟
فقلت: لقيت امرأة كاشفة عن ذراعيها، عليها من كل زينة الدنيا، فقالت: يا محمد انظرني حتى أكلمك، فقال لي: أفكلمتها؟ فقلت: لا كلمتها (6) ولم ألتفت إليها، فقال: تلك الدنيا، ولو كلمتها لاختارت أمتك الدنيا على الآخرة، ثم سمعت صوتا أفزعني (7)، فقال لي جبرئيل: أتسمع يا محمد؟ قلت: نعم، قال: هذه صخرة قذفتها عن شفير (8) جهنم منذ سبعين عاما، فهذا حين استقرت.