أخبرني به محمد بن عبد الله أنه أتاه، قال عداس: ذلك الناموس الأكبر الذي كان يأتي موسى وعيسى عليهم السلام بالوحي والرسالة، والله لئن كان نزل جبرئيل على هذه الأرض لقد نزل إليها خير عظيم، ولكن يا خديجة إن الشيطان ربما عرض للعبد فأراه أمورا، فخذي كتابي هذا فانطلقي به إلى صاحبك فإن كان مجنونا فإنه سيذهب عنه، وإن كان من أمر الله فلن يضره (1)، ثم انطلقت بالكتاب معها، فلما دخلت منزلها إذا هي برسول الله (صلى الله عليه وآله) مع جبرئيل (عليه السلام) قاعد يقرؤه هذه الآيات: " ن * والقلم وما يسطرون * ما أنت بنعمة ربك بمجنون * وإن كل لأجرا غير ممنون * وإنك لعلى خلق عظيم * فستبصر ويبصرون * بأيكم المفتون " أي الضال، أو المجنون (2)، فلما سمعت خديجة قراءته اهتزت فرحا، ثم رآه (صلى الله عليه وآله) عداس (3) فقال: اكشف لي عن ظهرك، فكشف فإذا خاتم النبوة يلوح بين كتفيه، فلما نظر عداس إليه خر ساجدا يقول: قدوس قدوس، أنت والله النبي الذي بشر بك موسى وعيسى عليهما السلام أما والله يا خديجة ليظهرن له أمر عظيم، ونبأ كبير، فوالله يا محمد إن عشت حتى تؤمر بالدعاء لأضربن بين يديك بالسيف هل أمرت بشئ بعد؟ قال: لا، قال: ستؤمر ثم تؤمر ثم تكذب ثم يخرجك قومك (4) والله ينصرك وملائكته.
قال ابن إسحاق: كان أول من اتبع رسول الله (صلى الله عليه وآله) خديجة، وكان أول ذكر آمن به علي (عليه السلام) هو يومئذ ابن عشر سنين، ثم زيد بن حارثة، قيل: ثم أسلم بلال، وقيل ثم أبو بكر، ثم الزبير وعثمان وطلحة وسعد بن أبي وقاص وعبد الرحمان بن عوف (5).