كان ورقة بن نوفل ابن عم خديجة: امرءا تنصر في الجاهلية، وكان يكتب العبراني بالعربية من الإنجيل ما شاء الله أن يكتب وكان شيخا كبيرا قد عمي، فقالت له خديجة: أي ابن عم اسمع من ابن أخيك، فقال ورقة: يا ابن أخي ما ترى؟ فأخبره رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال ورقة: هذا الناموس الأكبر الذي أنزل الله تعالى على موسى (عليه السلام) يا ليتني فيها جذعا أكون حيا حين يخرجك قومك، فقال رسول الله (عليه السلام): أو مخرجي هم قال: نعم، لم يأت رجل قط بما جئت به إلا عودي وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا، ثم لم ينشب ورقة أن توفي، وفتر الوحي فترة، ثم أتاه الوحي الناموس جبرئيل (عليه السلام) وصاحب سر الملك.
قوله: جذعا، أي شابا قويا كالجذع من الدواب حتى أبالغ في نصرك قوله:
مؤزرا، أي بالغا في القوة، لم ينشب بفتح الشين، أي لم يمكث ولم يحدث شيئا ولم يشتغل به.
وفي رواية أخرى أن خديجة أتت ورقة وقالت: أخبرني عن جبرئيل ما هو؟ قال:
قدوس قدوس ما ذكر جبرئيل في بلدة لا يعبدون فيها الله، قالت: إن محمد بن عبد الله أخبرني أنه أتاه، قال: فإن كان جبرئيل هبط إلى هذه الأرض لقد أنزل الله إليها خيرا عظيما، هو الناموس الأكبر الذي أتى موسى وعيسى عليهما السلام بالرسالة والوحي، قالت: فأخبرني هل تجد فيما قرأت من التوراة والإنجيل أن الله يبعث نبيا في هذا الزمان يكون يتيما فيؤويه الله، وفقيرا فيغنيه الله تكفله امرأة من قريش أكثرهم حسبا، وذكرت كلاما آخر فقال لها: نعته مثل نعتك يا خديجة؟ قالت: فهل تجد غيرها؟ قال: نعم، إنه يمشي على الماء كما مشى عيسى بن مريم وتكلمه الموتى كما كلمت عيسى بن مريم (عليه السلام)، وتسلم عليه الحجارة وتشهد له الأشجار، وأخبرها بنحو قول بحيرا، ثم انصرفت عنه وأتت عداسا الراهب وكان شيخا قد وقع حاجباه على عينيه من الكبر فقالت: يا عداس أخبرني عن جبرئيل (عليه السلام) ما هو؟ فقال: قدوس قدوس وخر ساجدا، وقال: ما ذكر جبرئيل في بلدة لا يذكر الله فيها ولا يعبد، قالت: أخبرني عنه قال: لا والله لا أخبرك حتى تخبرني من أين عرفت اسم جبرئيل؟ قالت: لي عليك عهد الله وميثاقه بالكتمان؟ قال: نعم، قالت: