ومعه نفر من أهل بيته فيهم أخ له يقال له: حسان، وبعث إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، و أنشد في ذلك رجل من بنى طيئ:
تبارك سائق البقرات إني * رأيت الله يهدي كل هاد فمن يك حائدا عن ذي تبوك * فإنا قد أمرنا بالجهاد وقوله لكنانة زوج صفية والربيع: أين آنيتكما التي كنتما تعيرانها أهل مكة؟
قالا: هزمنا فلم تزل تضعنا أرض وتقلنا أرض أخرى وأنفقناها، فقال لهما: إنكما إن كتمتما شيئا فاطلعت عليه استحللت دماءكما وذراريكما؟ قالا: نعم، فدعا رجلا من الأنصار وقال: اذهب إلى قراح (1) كذا وكذا ثم ائت النخيل فانظر نخلة عن يمينك وعن يسارك، وانظر نخلة مرفوعة فأتني بما فيها، فانطلق فجاء بالآنية والأموال، فضرب عنقهما.
وقال الجارود بن عمرو العبدي وسلمة بن عباد الأزدي: إن كنت نبينا فحدثنا عما جئنا نسألك عنه، فقال (صلى الله عليه وآله): أما أنت يا جارود فإنك جئت تسألني عن دماء الجاهلية، وعن حلف الاسلام، وعن المنيحة: قال: أصبت، فقال (صلى الله عليه وآله): فإن دماء الجاهلية موضوع: وحلفها لا يزيده الاسلام إلا شدة، ولا حلف في الاسلام، ومن أفضل الصدقة أن تمنح أخاك ظهر الدابة ولبن الشاة، وأما أنت يا سلمة بن عباد فجئت تسألني عن عبادة الأوثان، ويوم السباسب، وعقل الهجين، أما عبادة الأوثان فإن الله جل وعز يقول: " إنكم وما تعبدون من دون الله (2) " الآية، وأما يوم السباسب فقد أبدلك الله عز وجل ليلة القدر ويوم العيد لمحة تطلع الشمس لا شعاع لها، وأما عقل الهجين فإن أهل الاسلام تتكافأ دماؤهم، ويجير أقصاهم على أدناهم، وأكرمهم عند الله أتقاهم، قالا:
نشهد بالله أن ذلك كان في أنفسنا.