ومنها: أنه لما كانت قريش تحالفوا وكتبوا بينهم صحيفة ألا يجالسوا واحدا من بني هاشم ولا يبايعوهم حتى يسلموا إليهم محمدا ليقتلوه، وعلقوا تلك الصحيفة في الكعبة، وحاصروا بني هاشم في الشعب شعب عبد المطلب أربع سنين فأصبح النبي (صلى الله عليه وآله) يوما وقال لعمه أبي طالب: إن الصحيفة التي كتبتها قريش في قطيعتنا قد بعث الله عليها دابة فلحست كل ما فيها غير اسم الله، وكانوا قد ختموها بأربعين خاتما من رؤساء قريش، فقال أبو طالب:
يا ابن أخي أفأصير (1) إلى قريش فأعلمهم بذلك؟ قال: إن شئت، فصار أبو طالب رضي الله عنه إليهم فاستبشروا بمصيره إليهم واستقبلوه بالتعظيم والاجلال، وقالوا: قد علمنا الآن أن رضى قومك أحب إليك مما كنت فيه، أفتسلم إلينا محمدا ولهذا جئتنا؟ فقال: يا قوم قد جئتكم (2) بخبر أخبرني به ابن أخي محمد، فانظروا في ذلك، فإن كان كما قال فاتقوا الله وارجعوا عن قطيعتنا، وإن كان بخلاف ما قال سلمته إليكم واتبعت مرضاتكم، قالوا وما الذي أخبرك؟ قال: أخبرني أن الله قد بعث على صحيفتكم دابة فلحست ما فيها غير اسم الله، فحطوها فإن كان الامر بخلاف ما قال سلمته إليكم، ففتحوها فلم يجدوا فيها شيئا غير اسم الله فتفرقوا وهم يقولون: سحر سحر، وانصرف أبو طالب رضي الله عنه.
بيان: ند البعير: شرد ونفر، والبرقاء: ما اجتمع فيه سواد وبياض، والضياح بالفتح: اللبن الرقيق يصب فيه ماء ثم يخلط، واللحس باللسان معروف، واللحس أيضا أكل الدود الصوف، وأكل الجراد الخضر.
34 - الخرائج: روي أن النبي (صلى الله عليه وآله) كان يوما جالسا وحوله علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام فقال لهم: كيف بكم إذا كنتم صرعى وقبوركم شتى؟ فقال الحسين (عليه السلام) أنموت موتا أو نقتل قتلا؟ فقال: بل تقتل يا بني ظلما، ويقتل أخوك ظلما ويقتل أبوك ظلما، وتشرد ذراريكم في الأرض، فقال الحسين (عليه السلام): ومن يقتلنا؟ قال: شرار الناس، قال: فهل يزورنا أحد؟ قال: نعم طائفة من أمتي يريدون بزيارتكم بري وصلتي، فإذا كان يوم