بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٥ - الصفحة ٧٩
ولو أن أحدكم أصابته شوكة لساءني ذلك (1)، ولكن حق الله أوجب من حقكم (2)، وقد عاهدته ونذرت له متى رزقني الله أحد عشر ولدا " ذكرا " لأنحرن أحدهم قربانا "، وقد أعطاني ما سألته، وبقي الآن (3)، ما عاهدته، وقد جمعتكم لأشاوركم، فما أنتم قائلون؟
فجعل بعضهم ينظر إلى بعض وهم سكوت لا يتكلمون، فأول من تكلم منهم عبد الله أبو رسول الله صلى الله عليه وآله وكان أصغر أولاده، فقال: يا أبت أنت الحاكم علينا، ونحن أولادك وفي طوع يدك، وحق الله أوجب من حقنا، وأمره أوجب من أمرنا، ونحن لك طائعون وصابرون على حكم الله وحكمك، وقد رضينا بأمر الله وأمرك، وصبرنا على حكم الله و حكمك، ونعوذ بالله من مخالفتك، فشكره أبوه، وكان لعبد الله في ذلك اليوم إحدى عشر سنة، فلما سمع أبوه كلامه بكى بكاء " شديدا " حتى بل لحيته من دموعه، ثم قال لهم:
يا أولادي ما الذي تقولون؟ فقالوا له: سمعنا وأطعنا، فافعل ما بدا لك، ولو نحرتنا عن آخرنا فكيف واحدا " منا، فشكرهم على مقالتهم، ثم قال لهم: يا بني امضوا إلى أمهاتكم وأخبروهن بما قلت لكم، وقولوا لهن يغسلنكم ويكحلنكم ويطيبنكم، والبسوا أفخر ثيابكم، وودعوا أمهاتكم وداع من لا يرجع أبدا "، فتفرقوا إلى أمهاتهم و وأخبروهن بما قال لهم أبوهم، ففاضت لأجل ذلك العيون، وترادفت الأحزان (4)، قال:
ثم إن عبد المطلب بات تلك الليلة مهموما " مغموما "، لم يطعم طعاما "، ولم يشرب شرابا "، ولم يغمض عينا " حتى طلع الفجر (5)، ثم لبس أفخر أثوابه، وتردى برداء آدم عليه السلام، وتنعل بنعل شيث عليه السلام، وتختم بخاتم نوح عليه السلام، وأخذ بيده خنجرا " ماضيا " ليذبح به بعض أولاده،

(1) في المصدر هنا زيادة هي: ولو عرض لبعضكم عارض لاذاني. وأثبته المصنف في الهامش عن نسخة.
(2) في المصدر هنا زيادة هي: ومكان الله أعظم من مكانكم. ونقله المصنف في الهامش عن نسخة.
(3) وبقى على الان ما عاهدته خ ل.
(4) في المصدر هنا زيادة هي: وعقدن لفقد أولادهن الماتم.
(5) في المصدر هنا زيادة هي: وهو مع ذلك قلقا مرعوبا لما يعلم من أمر أولاده وما يريد أن يفعل بهم، قال: (فاغتسل ولبس) اه‍. قلت: قوله: (قلقا) لعله مصحف قلق مرعوب.
(٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 ... » »»
الفهرست