بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٥ - الصفحة ٦٨
عن قربنا (1) شفقة منا عليك، فقال لهم: إني أريد الملك، فقالوا له: إن ملكنا قد أقسم بمعبوده أن لا يترك من قومك أحدا "، فقال لهم عبد المطلب: إني قد أتيته قاصدا "، فعند ذلك تصارخت القوم وقال بعضهم لبعض: ما رأينا مثل هذا الرجل في الجمال و الكمال إلا أنه ناقص العقل، نحن نقول: إن ملكنا قد أقسم بمعبوده أن لا يترك أحدا " من أهل هذه البلدة، وهو يقول: لابد لي منه، قال: فخلوا سبيله فمضى قاصدا " إلى الملك، فأوصلوا خبره إلى الملك، وقالوا: أيها الملك قد قدم علينا رجل صفته كذا وكذا من أهل مكة ولم يفزع ولم يجزع، فقال الملك: علي به، فوحق ما أعتقده من ديني لو سألني أهل الأرض ما قبلت فيه سؤالا، قال: فعند ذلك أقبلوا إلى عبد المطلب ليأتوا به، فقال لهم عبد المطلب: إني قادم إلى الملك بنفسي، فأمر الملك قومه أن يشهروا السلاح، ويجردوا السيوف، وجعل الملك على رأسه تاجا "، وشد عمامته على جبينه، وأمر سياس الفيل أن يحضروه فأحضروه، وكان فيهم فيل يقال له: المذموم (2)، وكان قد ركبوا على رأسه قرنين من حديد لو نطح جبلا راسيا " بهما لألقاه، وكانوا (3) قد علقوا على خرطومه سيفين هنديين وعلموه الحرب، ووقف سياسه من ورائه، فقال لهم الملك: إذا رأيتموني قد أشرت لكم (4) عند دخول هذا المكي فأطلقوه عليه حتى يدوسه بكلكله (5)، قال: فدخل عليهم عبد المطلب وهم صفوف ينظرون ما يأمرهم الملك في عبد المطلب وهم باهتون، وهو لا يلتفت إلى أحد منهم حتى جاوز أصحاب الفيل، فأمرهم الملك بإطلاق الفيل فأطلقوه، فلما قرب من عبد المطلب برك الفيل إلى الأرض وجثا على ركبتيه وسكن ارتجاجه، وكان قبل ذلك إن أحضره سياسه (6) على القتال تحمر عيناه، ويضرب بخرطومه وفيه سيفان، فلما قرب من عبد المطلب سكن ولم يفعل شيئا "، فتعجب الملك وأصحابه من ذلك، وألقى الله

(1) في المصدر: أن ترد عن قريب، وأثبته المصنف في الهامش عن نسخة.
(2) في سيرة ابن هشام سماه المحمود.
(3) وكان خ ل وفي المصدر: لو نطح جبلا لرماه بهما وكان.
(4) أشرت إليكم خ ل.
(5) الكلكل: الصدر.
(6) في المصدر: إذا أتوا به سياسه. وأطلقوه لقتال.
(٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 ... » »»
الفهرست