بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٥ - الصفحة ٧٥
بينهم حكما " وهو سعيد بن خثيمة (1)، وكان بأطراف الشام، فخرجوا حتى إذا كانوا بمفازة بين الحجاز والشام بلغ بهم الجهد والعطش ولم يجدوا ماء، فقالوا لعبد المطلب:
ما تفعل؟ قال: كل واحد منكم يحفر حفيرة لنفسه ففعلوا، ثم ركب عبد المطلب راحلته وسار بها (2) فنبع الماء من تحت خفها فكبر وكبرت أصحابه وشربوا جميعهم وملؤا قربهم وحلفوا أن لا يخالفوه في زمزم، فقالوا: إن الذي أسقاه الماء في هذه الفلاة هو الذي أعطاه زمزم، ورجعوا ومكنوه من الحفر (3).
فلما تمادى على الحفر وجد غزالين من ذهب وهما اللذان دفنهما جدهم، ووجد أسيافا " كثيرة ودروعا "، فطلبوه بنصيبهم فيها، فقال لهم: هلموا إلى من ينصف بيننا، فنضرب القداح (4) فنجعل للكعبة قدحين، ولي قدحين، ولكم قدحين، فمن خرج قدحاه كان هذا له، قالوا: أنصفت، فجعل قدحين أصفرين للكعبة، وقدحين أسودين له، وقدحين أبيضين لقريش، ثم أعطاه لصاحب القداح (5) وهو عند هبل، وهبل صنم في الكعبة، فضرب بهما فخرج الأصفران على الغزالين، وخرج الأسودان على الأسياف والدروع لعبد المطلب، وتخلف قدحا قريش، فضرب عبد المطلب الأسياف ما بين الكعبة، فضرب في الباب الغزالين من الذهب، وأقام عبد المطلب بسقاية زمزم للحاج (6).
وما كان بمكة من يحسده ويضاده إلا رجل واحد وهو عدي بن نوفل، وكان أيضا " صاحب منعة (7) وبسطة وطول يد، وكان المشار إليه قبل قدوم عبد المطلب، فلما قدم

(1) في المصدر: سعيد بن جندب، في سيرة لابن هشام: كاهنة بنى سعد هذيم.
(2) وأشاربها خ ل.
(3) ذكره ابن هشام في السيرة ثم قال: (قال ابن إسحاق: فهذا الذي بلغني من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه في زمزم).
(4) القدح بالكسر: السهم الذي كانوا يقتسمون به.
(5) في المصدر: ثم أعطى لصاحب القداح أجرته وفي هامش نسخة المصنف: ودفع إليه اجرته خ ل.
(6) ذكره أيضا ابن هشام في السيرة 1: 158.
(7) المنعة: العزة والقوة.
(٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 ... » »»
الفهرست