بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٥ - الصفحة ٨٠
وخرج يناديهم من عند أمهاتهم واحدا " واحدا "، فأقبلوا إليه مسرعين وقد تزينوا (1) بأحسن الزينة، فلم يتأخر (2) غير عبد الله، لأنه كان أصغرهم، فسألهم عنه فقالوا:
لا نعلمه منهم أحد (3) فخرج إليه بنفسه حتى ورد منزل فاطمة زوجته، فأخذ بيده، فتعلقت به أمه، فجعل أبوه يجذبه منها، وهي تجذبه منه، وهو يريد أباه (4)، وهو يقول: (يا أماه اتركيني أمضي مع أبي ليفعل بي ما يريد)، فتركته وشقت جيبها وصرخت وقالت: (لفعلك يا أبا الحارث فعل لم يفعله أحد غيرك، فكيف تطيب نفسك بذبح ولدك؟
وإن كان ولا بد من ذلك فخل عبد الله لأنه طفل صغير وارحمه لأجل صغره، ولأجل هذا النور الذي في غرته (5)) فلم يكترث بكلامها (6)، ثم جذبه من يدها (7)، فقامت عند ذلك تودعه فضمته إلى صدرها، وقالت: (حاشاك يا رب أن يطفئ نورك، وقد قلت حيلتي فيك يا ولدي، واحزنا عليك يا ولدي، ليتني قبل غيبتك عني وقبل ذبحك يا ولدي غيبت تحت الثرى، لئلا أرى فيك ما أرى، ولكن ذلك بالرغم مني لا بالرضا

(1) في المصدر: وقد تطيبوا وتزينوا.
(2) في المصدر: ولم يتأخر أحد منهم. وفي هامش الكتاب: فلم يتأخر منهم أحد خ ل.
(3) فقالوا: ما لنا به علم خ ل وهو الموجود في المصدر.
(4) وهو يريد ابنه وهي تمنعه خ ل وفي المصدر: وهو يريد أبيه وهي تمنعه وهو يقول:
يا أماه اتركيني أمضى مع أبي ليمثل أمره وما عاهد الله عز وجل به، فأنا أعود إليك إن شاء الله تعالى، فتركته وقالت: (يا أبا الحارث فعلك الذي عزمت عليه ما سبقك إليه أحد من الناس، فكيف تطيب نفسك أن تذبح أولادك)؟.
(5) ولهذا النور الذي في غرته خ ل. وفي المصدر: في وجهه، وبعده: فورب الكعبة لان فعلت ببعض أولادك ما أنت عليه عازم تشمت بك الحساد، ولا تطيب نفسك أبدا، فقال لها عبد المطلب:
(يا فاطمة ان عبد الله اجل أولادي وأحبهم إلى، وأنا أرجو من الله تعالى أن ينجيه ويرحم صغر سنه)، قال: (ثم إن عبد المطلب عزم على المسير به، فقامت أمه تضمه إلى صدرها وهي تقول: أترى ورب الكعبة قضى بفراقك، وقدر على وحشتك حاشا نور الله يطفأ ويذهب نور الأبطح والصفا، ولقد قلت حيلتي يا بنى).
(6) أي لم يعبأ به ولا يباليه.
(7) ثم جذبه بيده وأخذه خ ل.
(٨٠)
مفاتيح البحث: الزوجة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 ... » »»
الفهرست