بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٥ - الصفحة ٧٨
سطح النور في غرته (1) حتى لحق عنان السماء (2)، فلما نظر إليه عبد المطلب فرح (3) فرحا " شديدا "، ولم يخف مولده على الكهنة والأحبار، فأما الكهنة فعظم أمره عليهم لابطال كهانتم، وأما أحبار اليهود فكانت معهم جبة بيضاء وكانت جبة يحيى بن زكريا عليهما السلام، وكان الدم يابسا " عليها قد غمست في دمه، وكان في كتبهم: إن هذا الدم الذي في الجبة إذا قطر منها قطرة واحدة من الدم يكون قد قرب خروج صاحب السيف المسلول، فنظروا إلى ذلك الدم فوجدوا الجبة، وإذا بها قد صارت رطبة يقطر منها الدم (4)، فعلموا أنه قد دنا خروجه، فاغتموا لذلك غما " شديدا "، وبعثوا إلى مكة رجالا منهم يكشفون لهم عن الخبر، ويأتونهم بخبر مولده، وكان عبد الله يشب في اليوم مثل ما يشب أولاد الناس في السنة، وكان الناس يزورونه ويتعجبون من حسنه وجماله وأنواره، وقيل:
إنه لقى عبد الله في زمانه ما لقى يوسف الصديق في زمانه، وذلك من عداوة اليهود، وجرت عليه أمور عظيمة وأحوال جسيمة (5).
فلما كملت لعبد المطلب عشرة أولاد ذكورا " وولد له الحارث (6) فصاروا أحد عشر ولدا " ذكرا " فذكر نذره الذي نذر، والعهد الذي عاهد: لئن بلغت أولادي أحد عشر ولدا " ذكورا " (7) لاقربن أحدهم لوجه الله تعالى، فجمع عبد المطلب أولاده بين يديه، وصنع لهم طعاما "، وجمعهم حوله، واغتم لذلك غما " شديدا "، ثم قال لهم: يا أولادي إنكم كنتم تعلمون (8) أنكم عندي بمنزلة واحدة، وأنتم الحدقة من العين، والروح بين الجنبين،

(1) في المصدر: من غرته.
(2) بعنان السماء خ ل.
(3) فرح به خ ل.
(4) في المصدر: فنظروا إلى ذلك الدم فوجدوه قد صار رطبا يقطر منها دما. فعلموا. ونقله المصنف في الهامش عن نسخة.
(5) ذكر نحوه المسعودي في اثبات الوصية: 84.
(6) قد سبق أن الحارث ولد قبلهم، فالصحيح كما في المصدر: وولده الحارث.
(7) في المصدر: عشرة، وذكر المصنف عن نسخة في الهامش هكذا: عشرة ذكورا لأنحرن.
(8) أنتم تعلمون خ ل وهو الموجود في المصدر.
(٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 ... » »»
الفهرست