سوقك من عندي من غير اختياري (1))، فلما سمع ذلك أبوه بكى بكاء " شديدا " حتى غشي عليه وتغير لونه، فقال عبد الله لامه: دعيني أمضي مع أبي، فإن اختارني (2) ربي كنت راضيا " سامحا " ببذل روحي له، وإن كان غير ذلك عدت إليك، فأطلقته أمه فمشى وراء أبيه وجملة أولاده (3) إلى الكعبة، فارتفعت الأصوات من كل ناحية، وأقبلوا ينظرون ما يصنع عبد المطلب بأولاده، وأقبلت اليهود والكهنة وقالوا: لعله يذبح الذي نخافه، ثم عزم على القرعة بينهم وجاء بهم جميعا " للمنحر، وبيده خنجر يلوح الموت من جوانبه، ثم نادى بأعلا صوته يسمع القريب والبعيد وقال: (اللهم رب هذا البيت والحرم والحطيم، وزمزم (4) ورب الملائكة الكرام، ورب جملة الأنام، اكشف عنا بنورك الظلام (5)، بحق ما جرى به القلم، اللهم إنك خلقت الخلق بقدرتك، وأمرتهم بعبادتك، لا مانع منك إلا أنت (6)، وإنما يحتاج الضعيف إلى القوي، والفقير إلى الغني، يا رب وأنت تعلم أني نذرت نذرا "، وعاهدتك عهدا " على إن وهبتني عشرة أولاد ذكور لأقربن لوجهك الكريم واحدا " منهم، وها أنا وهم بين يديك، فاختر منهم من أحببت، اللهم كما قضيت وأمضيت فاجعله في الكبار، ولا تجعله في الصغار، لان الكبير أصبر على البلاء من الصغير،
(٨١)