بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٥ - الصفحة ٨١
سوقك من عندي من غير اختياري (1))، فلما سمع ذلك أبوه بكى بكاء " شديدا " حتى غشي عليه وتغير لونه، فقال عبد الله لامه: دعيني أمضي مع أبي، فإن اختارني (2) ربي كنت راضيا " سامحا " ببذل روحي له، وإن كان غير ذلك عدت إليك، فأطلقته أمه فمشى وراء أبيه وجملة أولاده (3) إلى الكعبة، فارتفعت الأصوات من كل ناحية، وأقبلوا ينظرون ما يصنع عبد المطلب بأولاده، وأقبلت اليهود والكهنة وقالوا: لعله يذبح الذي نخافه، ثم عزم على القرعة بينهم وجاء بهم جميعا " للمنحر، وبيده خنجر يلوح الموت من جوانبه، ثم نادى بأعلا صوته يسمع القريب والبعيد وقال: (اللهم رب هذا البيت والحرم والحطيم، وزمزم (4) ورب الملائكة الكرام، ورب جملة الأنام، اكشف عنا بنورك الظلام (5)، بحق ما جرى به القلم، اللهم إنك خلقت الخلق بقدرتك، وأمرتهم بعبادتك، لا مانع منك إلا أنت (6)، وإنما يحتاج الضعيف إلى القوي، والفقير إلى الغني، يا رب وأنت تعلم أني نذرت نذرا "، وعاهدتك عهدا " على إن وهبتني عشرة أولاد ذكور لأقربن لوجهك الكريم واحدا " منهم، وها أنا وهم بين يديك، فاختر منهم من أحببت، اللهم كما قضيت وأمضيت فاجعله في الكبار، ولا تجعله في الصغار، لان الكبير أصبر على البلاء من الصغير،

(1) بغير اختياري خ ل.
(2) في المصدر بعد ذلك: يفعل بي ما يشاء، ويحكم ما يريد، فان اختارني إه‍.
(3) مع جملة أولاده خ ل، وفي المصدر: ومشى وراء أبيه، وأقبل عبد المطلب وساق أولاده بين يديه إلى الكعبة، فارتفعت الأصوات، وخرجت الرجال والنساء من كل جانب ومكان، و جعلوا ينظرون إلى عبد المطلب وما يريد يصنع بأولاده، وأقبلوا إليه السحرة والكهنة واليهود ويقولون: عسى أن يذبح الذي نخاف منه، وكانوا اليهود يقولون: هذا الذي يخرج منه ما تحذرون وقد قرب ذلك منكم، فلما علموا أن عبد المطلب لابد أن يقارع بينهم فأي من وقعت عليه القرعة يذبحه أقبلت الناس إلى المنحر وهم ينظرون إلى عبد المطلب وأولاده خلفه، فأقبل بهم نحو المنحر وبيده خنجر ماض فتطاولت إليه الأعناق، ثم نادى إه‍.
(4) اللهم رب هذا البيت الحرام، والمشاعر العظام وزمزم والمقام خ ل.
(5) في المصدر: الظلم.
(6) المصدر خال عن قوله: الا أنت.
(٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 ... » »»
الفهرست