بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٥ - الصفحة ٨٣
فلما ولد النبي صلى الله عليه وآله كان يحبه أبو طالب حبا " شديدا " (1)، ويقول له: فدتك نفسي يا بن أخي، يا بن الذبيحين إسماعيل وعبد الله.
رجعنا إلى الحديث الأول: ثم لما أفاق عبد المطلب سمع البكاء من الرجال و النساء من كل ناحية، فنظر وإذا فاطمة بنت عمرو أم عبد الله وهي تحثو التراب على وجهها، وتضرب على صدرها، فلما نظر إليها عبد المطلب لم يجد صبرا " وقبض (2) على يد ولده، وأراد أن يذبحه فتعلقت به سادات قريش وبنو عبد مناف فصاح بهم صيحة منكرة وقال: يا ويلكم لستم أشفق على ولدي مني، ولكن أمضي حكم ربي، وأبو طالب متعلق بأذيال عبد الله وهو يبكي ويقول لأبيه: اترك أخي واذبحني مكانه فإني راض أن أكون (3) قربانك لربك، فقال عبد المطلب: ما كنت بالذي أتعرض على ربي، وأخالف حكمه، فهو الامر وأنا المأمور، ثم اجتمع أكابر قومه وعشيرته وقالوا له: يا عبد المطلب عد إلى صاحب القداح مرة ثانية فعسى أن يقع السهم في غيره (4)، ويقضي الله ما فيه الفرج، فعاد ثانية فعاد السهم (5) على عبد الله، فقال عبد المطلب: قضي الأمر ورب الكعبة، ثم ساق ولده عبد الله إلى المنحر والناس من وراءه صفوف، فلما وصل المنحر عقل رجليه (6) فعند ذلك ضربت أمه وجهها، ونشرت شعرها، ومزقت أثوابها، ثم أضجعه وهو ذاهل (7) لا يدري ما يصنع مما بقلبه من الحزن، فلما رأته أمه أنه لا محالة عازم على ذبحه مضت مسرعة إلى قومها، وهي قد اضطربت جوارحها لما رأت عبد المطلب قد أضجع

(1) وكان يفتخر به خ ل وهو موجود في المصدر.
(2) لم يملك نفسه خ ل وفي المصدر: فلما نظر عبد المطلب إلى فاطمة وشدة حزنها وعظم قلقها فلم تحمل صبرا وقد أكملت الحزن ثم إنه قبض.
(3) فقد رضيت أن أكون خ ل وكذا في المصدر.
(4) على غيره خ ل وهكذا في المصدر.
(5) فعاد فخرج السهم خ ل وفي المصدر وفعل فخرج السهم.
(6) عقل رجليه بحبل خ ل وهكذا هو في المصدر.
(7) وهو داهش خ ل وهكذا هو في المصدر.
(٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 ... » »»
الفهرست