بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥ - الصفحة ١٥٠
قال الشيخ البهائي قدس الله روحه في شرح هذا الحديث: الرزق عند الأشاعرة كل ما انتفع به حي، سواء كان بالتغذي أو بغيره، مباحا كان أو لا، وخصه بعضهم بما تربى به الحيوان من الأغذية والأشربة، وعند المعتزلة هو كل ما صح انتفاع الحيوان به بالتغذي أو غيره، وليس لاحد منعه منه فليس الحرام رزقا عندهم، وقال الأشاعرة في الرد عليهم: لو لم يكن الحرام رزقا لم يكن المغتذي طول عمره بالحرام مرزوقا، وليس كذلك لقوله تعالى: " وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها " (1) وفيه نظر فإن الرزق عند المعتزلة أعم من الغذاء وهم لم يشترطوا الانتفاع بالفعل، فالمغتذي طول عمره بالحرام إنما يرد عليهم لو لم ينتفع مدة عمره بشئ انتفاعا محللا، ولو بشرب الماء والتنفس في الهواء، بل ولا تمكن من الانتفاع بذلك أصلا، وظاهر أن هذا مما لا يوجد، وأيضا فلهم أن يقولوا: لو مات حيوان قبل أن يتناول شيئا محللا ولا محرما يلزم أن يكون غير مرزوق، فما هو جوابكم فهو جوابنا; هذا، ولا يخفى أن الأحاديث المنقولة في هذا الباب متخالفة، والمعتزلة تمسكوا بهذا الحديث، وهو صريح في مدعاهم غير قابل لتأويل، والأشاعرة تمسكوا بما رووه عن صفوان بن أمية قال:
كنا عند رسول الله صلى الله عليه وآله إذ جاء عمر بن قرة فقال: يا رسول الله إن الله كتب علي الشقوة فلا أراني أرزق إلا من دفي بكفي، فاذن في الغناء من غير فاحشة; فقال صلى الله عليه وآله: لا آذن لك ولا كرامة ولا نعمة أي عدو الله لقد رزقك الله طيبا فاخترت ما حرم عليك من رزقه مكان ما أحل الله لك من حلاله، أما إنك لو قلت بعد هذه المقالة ضربتك ضربا وجيعا. والمعتزلة يطعنون في سند هذا الحديث تارة ويأولونه على تقدير سلامته أخرى بأن سياق الكلام يقتضي أن يقال: فاخترت ما حرم الله عليك من حرامه مكان ما أحل الله لك من حلاله، وإنما قال صلى الله عليه وآله: من رزقه مكان من حرامه، فأطلق على الحرام اسم الرزق بمشاكلة قوله: فلا أراني أرزق، وقوله صلى الله عليه وآله: لقد رزقك الله، و تمسك المعتزلة أيضا بقوله تعالى: " ومما رزقناهم ينفقون " (2) قال الشيخ في التبيان

(١٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 خطبة الكتاب 1
3 * أبواب العدل * باب 1 نفي الظلم والجور عنه تعالى، وإبطال الجبر والتفويض، وإثبات الأمر بين الأمرين، وإثبات الاختيار والاستطاعة، وفيه 112 حديثا. 2
4 باب 2 آخر وهو من الباب الأول، وفيه حديث. 68
5 باب 3 القضاء والقدر، والمشية والإرادة، وسائر أبواب الفعل، وفيه 79 حديثا. 84
6 باب 4 الآجال، وفيه 14 حديثا. 136
7 باب 5 الأرزاق والأسعار، وفيه 13 حديثا. 143
8 باب 6 السعادة والشقاوة، والخير والشر، وخالقهما ومقدرهما، وفيه 23 حديثا. 152
9 باب 7 الهداية والإضلال والتوفيق والخذلان، وفيه 50 حديثا. 162
10 باب 8 التمحيص والاستدراج، والابتلاء والاختبار، وفيه 18 حديثا. 210
11 باب 9 أن المعرفة منه تعالى، وفيه 13 حديثا. 220
12 باب 10 الطينة والميثاق، وفيه 67 حديثا. 225
13 باب 11 من لا ينجبون من الناس، ومحاسن الخلقة وعيوبها اللتين تؤثران في الخلق، وفيه 15 حديثا. 276
14 باب 12 علة عذاب الاستيصال، وحال ولد الزنا، وعلة اختلاف أحوال الخلق، وفيه 14 حديثا. 281
15 باب 13 الأطفال ومن لم يتم عليهم الحجة في الدنيا، وفيه 22 حديثا. 288
16 باب 14 من رفع عنه القلم، ونفي الحرج في الدين، وشرائط صحة التكليف، وما يعذر فيه الجاهل، وأنه يلزم على الله التعريف وفيه 29 حديثا. 298
17 باب 15 علة خلق العباد وتكليفهم، والعلة التي من أجلها جعل الله في الدنيا اللذات والآلام والمحن، وفيه 18 حديثا. 309
18 باب 16 عموم التكاليف، وفيه ثلاثة أحاديث. 318
19 باب 17 أن الملائكة يكتبون أعمال العباد، وفيه 35 حديثا. 319
20 باب 18 الوعد والوعيد، والحبط والتكفير، وفيه حديثان. 331