ما نسبوه من حديث القطيفة؟ إنهم أرادوا بذلك توبيخ الاسلام ليرجعوا على أعقابهم، أعمى الله أبصارهم سما أعمى قلوبهم، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
34 - التوحيد: الدقاق، عن الكليني، عن أحمد بن إدريس، عن ابن عيسى، عن علي ابن سيف، عن محمد بن عبيدة قال: كتبت إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام أسأله عن الرؤية وما ترويه العامة والخاصة، وسألته أن يشرح لي ذلك.
فكتب عليه السلام بخطه: اتفق الجميع لا تمانع بينهم أن المعرفة من جهة الرؤية ضرورة، فإذا جاز أن يرى الله عز وجل بالعين (1) وقعت المعرفة ضرورة، ثم لم تخل تلك المعرفة من أن تكون إيمانا أو ليست بإيمان فإن كانت تلك المعرفة من جهة الرؤية إيمانا فالمعرفة التي في دار الدنيا من جهة الاكتساب ليست بإيمان، لأنها ضده فلا يكون في الدنيا أحد مؤمنا، لأنهم لم يروا الله عز وجل، وإن لم تكن تلك المعرفة التي من جهة الرؤية إيمانا لم تخل هذه المعرفة التي من جهة الاكتساب أن تزول أولا تزال في المعاد، فهذا دليل على أن الله عز وجل لا يرى بالعين إذ العين يؤدي إلى ما وصفناه.
ايضاح: اعلم أن الناظرين في هذا الخبر قد سلكوا مسالك شتى في حلها و لنذكر بعضها:
الأول - وهو الأقرب إلى الافهام وإن كان أبعد من سياق الكلام، وكان الوالد العلامة قدس الله روحه يرويه عن المشايخ الاعلام وتقريره على ما حرره بعض الأفاضل الكرام - هو أن المراد أنه اتفق الجميع أي جميع العقلاء من مجوزي الرؤية ومحيليها - لا تمانع ولا تنازع بينهم - على أن المعرفة من جهة الرؤية ضرورة أي كل ما يرى يعرف بأنه على ما يرى، وأنه متصف بالصفات التي يرى عليها ضرورة، فحصول معرفة المرئي بالصفات التي يرى عليها ضروري، وهذا الكلام يحتمل وجهين: أحدهما كون قوله: من جهة الرؤية خبرا أي أن المعرفة بالمرئي يحصل من جهة الرؤية ضرورة. وثانيهما تعلق الظرف بالمعرفة وكون قوله: ضرورة خبرا أي المعرفة الناشئة من جهة الرؤية ضرورة أي ضرورية، والضرورة على الاحتمالين تحتمل الوجوب والبداهة، وتقرير الدليل: أن