ويلهم أولم يسمعوا يقول الله تعالى: " لا تدركه الابصار وهو يدرك الابصار وهو اللطيف الخبير " وقوله: " لن تراني ولكن انظر إلي الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا "؟ وإنما طلع من نوره على الجبل كضوء يخرج من سم الخياط فدكدكت الأرض وصعقت الجبال " فخر موسى صعقا " أي ميتا " فلما أفاق " ورد عليه روحه " قال سبحانك تبت إليك " من قول من زعم أنك ترى، ورجعت إلى معرفتي بك أن الابصار لا تدركك " وأنا أول المؤمنين " وأول المقرين بأنك ترى ولا ترى، وأنت بالمنظر الاعلى.
ثم قال عليه السلام: إن أفضل الفرائض وأوجبها على الانسان معرفة الرب والاقرار له بالعبودية، وحد المعرفة أن يعرف أنه لا إله غيره، ولا شبيه له ولا نظير، وأن يعرف أنه قديم مثبت موجود غير فقيد. موصوف من غير شبيه ولا مبطل ليس كمثله شئ وهو السميع البصير، وبعده معرفة الرسول والشهادة بالنبوة، وأدنى معرفة الرسول الاقرار بنبوته، وإن ما أتى به من كتاب أو أمر أو نهي فذلك من الله عز وجل، وبعده معرفة الامام الذي به تأتم بنعته وصفته واسمه في حال العسر واليسر، وأدنى معرفة الامام أنه عدل النبي إلا درجة النبوة، ووارثه، وأن طاعته طاعة الله وطاعة رسول الله، والتسليم له في كل أمر، والرد إليه، والاخذ بقوله، ويعلم أن الامام بعد رسول الله صلى الله عليه وآله علي ابن أبي طالب، وبعده الحسن، ثم الحسين، ثم علي بن الحسين، ثم محمد بن علي، ثم أنا، ثم بعدي موسى ابني، وبعده علي ابنه، وبعد علي محمد ابنه، وبعد محمد علي ابنه وبعد علي الحسن ابنه، والحجة من ولد الحسن. ثم قال: يا معاوية جعلت لك أصلا في هذا فاعمل عليه، فلو كنت تموت علي ما كنت عليه لكان حالك أسوأ الأحوال فلا يغرنك قول من زعم أن الله تعالى يرى بالبصر، قال: وقد قالوا أعجب من هذا، أولم ينسبوا آدم عليه السلام إلى المكروه؟ أولم ينسبوا إبراهيم عليه السلام إلى ما نسبوه؟ أولم ينسبوا داود عليه السلام إلى ما نسبوه من حديث الطير؟ أولم ينسبوا يوسف الصديق إلى ما نسبوه من حديث زليخا؟ أولم ينسبوا موسى عليه السلام إلى ما نسبوه من القتل؟ أولم ينسبوا رسول الله صلى الله عليه وآله إلى ما نسبوه من حديث زيد؟ أولم ينسبوا علي بن أبي طالب عليه السلام إلى