بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٤ - الصفحة ٩٢
بيان: قال الطبرسي رحمه الله: الله يعلم ما تحمل كل أنثى أي يعلم ما في بطن كل حامل من ذكر أو أنثى تام أو غير تام، ويعلم لونه وصفاته، ما تغيض الأرحام أي يعلم الوقت الذي تنقصه الأرحام من المدة التي هي تسعة أشهر وما تزداد على ذلك عن أكثر المفسرين. وقال الضحاك: الغيض النقصان من الأجل والزيادة ما يزداد على الأجل، وذلك أن النساء لا يلدون لأجل واحد. وقيل: يعني بقوله: ما تغيض الأرحام الولد الذي تأتي به المرأة لأقل من ستة أشهر، وما تزداد الولد الذي تأتي به لأقصى مدة الحمل. وقيل: معناه: ما تنقص الأرحام من دم الحيض وهو انقطاع الحيض، وما تزداد بدم النفاس بعد الوضع، عن ابن عباس بخلاف وابن زيد.
44 - نهج البلاغة: من خطبة له عليه السلام: يعلم عجيج الوحوش في الفلوات، ومعاصي العباد في الخلوات، واختلاف النينان في البحار الغامرات، (1) وتلاطم الماء بالرياح العاصفات.
أقول: سيأتي بعض الأخبار في باب معاني الأسماء وباب جوامع التوحيد، و باب البداء وأبواب علوم الأئمة وقد سبق بعضها في الباب السابق.
(باب 3) (البداء والنسخ (2)) الآيات: البقرة " 2 " ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شئ قدير 106 المائدة " 5 " وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء 64

(1) النون: الحوت، والجمع نينان وأنوان.
(2) البداء بالفتح والمد في اللغة ظهور الشئ بعد الخفاء وحصول العلم به بعد الجهل واتفقت الأمة على امتناع ذلك على الله سبحانه إلا من لا يعتد به، ومن افترى ذلك على الامامية فقد افترى كذبا عظيما، والامامية منه براء. وفى العرف - على ما يستفاد من كلام العلماء وأئمة الحديث - يطلق على معان كلها صحيحة في حقه تعالى:
منها: إبداء شئ وإحداثه والحكم بوجوده بتقدير حادث وتعلق إرادة حادثة بحسب الشروط والمصالح، ومن هذا القبيل ايجاد الحوادث اليومية، ويقرب منه قول ابن أثير في حديث الأقرع و الأبرص والأعمى: بدا لله عز وجل أن يبتليهم، أي قضى بذلك، وهو معنى البداء ههنا، لان القضاء سابق والبداء استصواب شئ علم بعد أن لم يعلم، وذلك على الله عز وجل محال غير جائز. انتهى. ولعله أراد بالقضاء الحكم بالوجود، وأراد بكونه سابقا أن العلم به سابق كما يرشد إليه ظاهر التعليل المذكور بعده.
ومنها ترجيح أحد المتقابلين والحكم بوجوده بعد تعلق الإرادة بهما تعلقا غير حتمي، لرجحان مصلحته وشروطه على مصلحة الاخر وشروطه، ومن هذا القبيل إجابة الداعي، وتحقيق مطالبه، و تطويل العمر بصلة الرحم، وإرادة ابقاء قوم بعد إرادة اهلاكهم.
ومنها: محو ما ثبت وجوده في وقت محدود بشروط معلومة ومصلحة مخصوصة، وقطع استمراره بعد انقضاء ذلك الوقت والشروط والمصالح، سواء أثبت بدله لتحقق الشروط والمصالح في إثباته أولا، ومن هذا القبيل الاحياء والإماتة والقبض والبسط في الامر التكويني، ونسخ الاحكام بلا بدل أو معه في الامر التكليفي. والنسخ أيضا داخل في البداء كما صرح به الصدوق في كتابي التوحيد و الاعتقادات. ومن أصحابنا من خص البداء بالامر التكويني وأخرج النسخ عنه، وليس لهذا التخصيص وجه يعتد به، وإنما سميت هذه المعاني بداءا لأنها مستلزمة لظهور شئ على الخلق بعد ما كان مخفيا عنهم، ومن ثم عرف البداء بعض القوم بأنه أثر لم يعلم أحد من خلقه قبل صدوره عنه أنه يصدر عنه.
واليهود أنكروا البداء وقالوا: يد الله مغلولة - غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا - وهم يعنون بذلك أنه تعالى فرغ من الامر فليس يحدث شيئا، ونقل عنهم أيضا أنه تعالى لا يقضى يوم السبت شيئا، ويقرب منه قول النظام من المعتزلة: إن الله تعالى خلق الموجودات دفعة واحدة على ما هي عليه الان: معادن ونباتات، وحيوانات وإنسانا، ولم يتقدم خلق آدم عليه السلام على خلق أولاده والتقدم والتأخر إنما يقع في ظهورها من مكانها دون حدوثها ووجودها، وكأنه أخذ ذلك من الكمون والظهور من مذهب الفلاسفة، ونقل صاحب الكشاف عن الحسين بن الفضل ما يعود إلى هذا المذهب، وهو أن عبد الله بن طاهر دعا الحسين بن الفضل وذكر أن من آيات أشكلت عليه قوله عز من قائل: " كل يوم هو في شأن " وقد صح " أن القلم جف بما هو كان إلى يوم القيامة " قال الحسين:
أما قوله: " كل يوم هو في شأن " فإنها شؤون يبديها لا شؤون يبتديها. وهذه المذاهب عندنا باطلة لأنه تعالى يحدث بعد ما يشاء في أي وقت يشاء على وفق الحكمة والمصلحة، كما دلت عليه روايات هذا الباب، ودلت عليه أيضا قول أمير المؤمنين عليه السلام: " الحمد لله الذي لا يموت ولا ينقضي عجائبه، لأنه كل يوم في شأن من إحداث بديع لم يكن " فإنه صريح في أنه تعالى يحدث في كل وقت ما أراد إحداثه من الأشخاص والأحوال، ولعل الحسين كالسائل فهم أن ابتداءها واحداثها ينافي ما صح من جفاف القلم، وأنت تعلم أنه لا منافاة بينهما، لان جفاف القلم دل على أن كل ما هو كائن إلى يوم القيامة فهو مكتوب في اللوح المحفوظ أو في التقدير، ومعلوم له بحيث لا يتغير ولا يتبدل، ومن المكتوب والمعلوم له تعالى أن يقدر كذا في وقت كذا ويبتدئ بايجاده واحداثه على وفق الحكمة والمصلحة، فالابتداء والاحداث الذي هو البداء المراد هنا أيضا من المكتوبات فليتأمل. قاله بعض الأفاضل في شرحه على الكافي. أقول: سيأتي تحقيقات اخر حول البداء من المصنف وغيره.
(٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * (أبواب تأويل الآيات والاخبار الموهمة لخلاف ما سبق) * باب 1 تأويل قوله تعالى: خلقت بيدي، وجنب الله، ووجه الله، ويوم يكشف عن ساق، وأمثالها، وفيه 20 حديثا. 1
3 باب 2 تأويل قوله تعالى: ونفخت فيه من روحي، وروح منه، وقوله صلى الله عليه وآله: خلق الله آدم على صورته، وفيه 14 حديثا. 11
4 باب 3 تأويل آية النور، وفيه سبعة أحاديث. 15
5 باب 4 معنى حجرة الله عز وجل، وفيه أربعة أحاديث. 24
6 باب 5 نفي الرؤية وتأويل الآيات فيها، وفيه 33 حديثا. 26
7 * (أبواب الصفات) * باب 1 نفي التركيب واختلاف المعاني والصفات، وأنه ليس محلا للحوادث والتغييرات، وتأويل الآيات فيها، والفرق بين صفات الذات وصفات الأفعال، وفيه 16 حديثا. 62
8 باب 2 العلم وكيفيته والآيات الواردة فيه، وفيه 44 حديثا. 74
9 باب 3 البداء والنسخ، وفيه 70 حديثا. 92
10 باب 4 القدرة والإرادة، وفيه 20 حديثا. 134
11 باب 5 أنه تعالى خالق كل شيء، وليس الموجد والمعدم إلا الله تعالى وأن ما سواه مخلوق، وفيه خمسة أحاديث. 147
12 باب 6 كلامه تعالى ومعنى قوله تعالى: قل لو كان البحر مدادا، وفيه أربعة أحاديث. 150
13 * أبواب أسمائه تعالى وحقائقها وصفاتها ومعانيها * باب 1 المغايرة بين الاسم والمعنى وأن المعبود هو المعنى والاسم حادث، وفيه ثمانية أحاديث. 153
14 باب 2 معاني الأسماء واشتقاقها وما يجوز إطلاقه عليه تعالى وما لا يجوز، وفيه 12 حديثا. 172
15 باب 3 عدد أسماء الله تعالى وفضل إحصائها وشرحها، وفيه ستة أحاديث. 184
16 باب 4 جوامع التوحيد، وفيه 45 حديثا. 212
17 باب 5 إبطال التناسخ، وفيه أربعة أحاديث. 320
18 باب 6 نادر، وفيه حديث. 322