بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٤ - الصفحة ٥١
إذا شاب الغراب أتيت أهلي * وصار القار كاللبن الحليب (1) ومعلوم أن مشيب الغراب وصيرورة القار كالحليب لا ملازمة بينهما وبين إتيان الشاعر أهله.
ونظيره في الكتاب الكريم كثير كتعليق خروج أهل النار منها على ولوج الجمل في سم الخياط وبعيد من العاقل أن يدعي علاقة بينهما، وإذا كان ذلك التعليق أمرا شائعا كثير الوقوع في كلامهم فلا ترجيح للاحتمال الأول بل الترجيح معنا، فإن البلاغة في ذلك، وأما إذا تحقق العلاقة في الواقع بينهما وعلق عليه لمكان تلك العلاقة فليس له ذلك الموقع من حسن القبول ألا ترى أن المتمني لوصال حبيبه الميت لو قال: إذا رجع الموتى إلى الدنيا أمكن لي زيارة الحبيب لم يكن كقول الصب المتحسر على مفارقة الأحباء: متى أقبل الأمس الدابر وحيي الميت الغابر طمعت في اللقاء. وأيضا لا يخفي على ذي فطرة أن التزام تحقق علاقة لزوم بين استقرار الجبل في تلك الحال وبين رؤيته تعالي بحيث لو فرض وقوع ذلك الاستقرار امتنع أن لا يقع رؤيته تعالي مستبعد جدا يكاد يجزم العقل ببطلانه فإذن المقصود من ذلك الكلام مجرد بيان انتفائه بتعليقه على أمر غير واقع، ويكفي في ذلك عدم وقوع المعلق عليه، ولا يستدعى امتناع المعلق امتناعه، ولو سلم فنقول: إن المعلق عليه هو الاستقرار لا مطلقا بل في المستقبل وعقيب النظر، بدلالة الفاء وإن، وذلك لأنه إذا دخل الفاء على إن يفيد اشتراط التعقيب لا تعقيب الاشتراط فالشرط ههنا وقوع الاستقرار عقيب النظر، والنظر ملزوم لوقوع حركة الجبل عقيبه، فوقوع السكون عقيبه محال لاستحالة وقوع الشئ عقيب ما يستعقب منافي ذلك الشئ ويستلزم وقوعه عقيبه. وأما أن النظر لا يستلزم اندكاك الجبل وتزلزله ولا علاقة بينه وبينه وإنما هو مصاحبة اتفاقية فممنوع، ولعل النظر ملزوم للحركة كما أن استقرار الجبل ملزوم لرؤيته تعالى، وتحقق العلاقة بين النظر والحركة ليس بأبعد من تحقق العلاقة بين الاستقرار والرؤية. ولنقتصر على ذلك فإن إطناب الكلام في كل من الدلائل والأجوبة يوجب الخروج عما هو المقصود من الكتاب.
وأما المنكرون فاحتجوا بقوله تعالى: " لن تراني " فإن كلمة لن تفيد إما تأبيد

(1) القار: مادة سوداء تطلى بها السفن. وقيل: هو الزفت.
(٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * (أبواب تأويل الآيات والاخبار الموهمة لخلاف ما سبق) * باب 1 تأويل قوله تعالى: خلقت بيدي، وجنب الله، ووجه الله، ويوم يكشف عن ساق، وأمثالها، وفيه 20 حديثا. 1
3 باب 2 تأويل قوله تعالى: ونفخت فيه من روحي، وروح منه، وقوله صلى الله عليه وآله: خلق الله آدم على صورته، وفيه 14 حديثا. 11
4 باب 3 تأويل آية النور، وفيه سبعة أحاديث. 15
5 باب 4 معنى حجرة الله عز وجل، وفيه أربعة أحاديث. 24
6 باب 5 نفي الرؤية وتأويل الآيات فيها، وفيه 33 حديثا. 26
7 * (أبواب الصفات) * باب 1 نفي التركيب واختلاف المعاني والصفات، وأنه ليس محلا للحوادث والتغييرات، وتأويل الآيات فيها، والفرق بين صفات الذات وصفات الأفعال، وفيه 16 حديثا. 62
8 باب 2 العلم وكيفيته والآيات الواردة فيه، وفيه 44 حديثا. 74
9 باب 3 البداء والنسخ، وفيه 70 حديثا. 92
10 باب 4 القدرة والإرادة، وفيه 20 حديثا. 134
11 باب 5 أنه تعالى خالق كل شيء، وليس الموجد والمعدم إلا الله تعالى وأن ما سواه مخلوق، وفيه خمسة أحاديث. 147
12 باب 6 كلامه تعالى ومعنى قوله تعالى: قل لو كان البحر مدادا، وفيه أربعة أحاديث. 150
13 * أبواب أسمائه تعالى وحقائقها وصفاتها ومعانيها * باب 1 المغايرة بين الاسم والمعنى وأن المعبود هو المعنى والاسم حادث، وفيه ثمانية أحاديث. 153
14 باب 2 معاني الأسماء واشتقاقها وما يجوز إطلاقه عليه تعالى وما لا يجوز، وفيه 12 حديثا. 172
15 باب 3 عدد أسماء الله تعالى وفضل إحصائها وشرحها، وفيه ستة أحاديث. 184
16 باب 4 جوامع التوحيد، وفيه 45 حديثا. 212
17 باب 5 إبطال التناسخ، وفيه أربعة أحاديث. 320
18 باب 6 نادر، وفيه حديث. 322