بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٤ - الصفحة ٥٠
العقل والسمع، كما في طلب إبراهيم عليه السلام، وحاصله يرجع إلى منع أن العاقل لا يطلب المحال الذي علم استحالته إذ يمكن أن يكون الطلب لغرض آخر غير حصول المطلوب فلا يلزم العبث لجواز ترتب غرض آخر عليه، والعبث مالا فائدة فيه أصلا، ولعل في هذا السؤال فوائد عظيمة سوى ما ذكر أيضا ولا يلزمنا تعيين الفائدة بل على المستدل أن يدل على انتفائها مطلقا، ونحن من وراء المنع، ومما يستغرب من الأشاعرة أنهم أجمعوا على أن الطلب غير الإرادة، واحتجوا عليه بأن الآمر ربما أمر عبده بأمر وهو لا يريده، بل يريد نقيضه، ثم يقولون ههنا: بأن طلب ما علم استحالته لا يتأتى من العاقل.
الثاني من وجهي احتجاجهم: هو أنه تعالي علق الرؤية على استقرار الجبل وهو أمر ممكن في نفسه، والمعلق على الممكن ممكن لان معنى التعليق أن المعلق يقع على تقدير وقوع المعلق عليه، والمحال لا يقع على شئ من التقادير ويمكن الجواب عنه بوجوه أوجهها أن يقال: التعليق إما أن يكون الغرض منه بيان وقت المعلق وتحديد وقوعه بزمان وشرط ومن البين أن ما نحن فيه ليس من هذا القبيل، وإما أن يكون المطلوب فيه مجرد بيان تحقق الملازمة وعلاقة الاستلزام بأن يكون لإفادة النسبة التي بين الشرط والجزاء مع قطع النظر عن وقوع شئ من الطرفين وعدم وقوعه، ولا يخفى على ذي لب أن لا علاقة بين استقرار الجبل ورؤيته تعالى في نفس الامر ولا ملازمة، على أن إفادة مثل هذا الحكم وهو تحقق علاقة اللزوم بين هاتين القضيتين لا يليق بسياق مقاصد القرآن الحكيم مع ما فيه من بعده عن مقام سؤال الكليم فإن المناسب لما طلب من الرؤية بيان وقوعه ولا وقوعه، لا مجرد إفادة العلاقة بين الامرين فالصواب حينئذ أن يقال: المقصود من هذا التعليق بيان أن الجزاء لا يقع أصلا بتعليقه على ما لا يقع، ثم هذا التعليق إن كان مستلزما للعلاقة بين الشرط والجزاء فواجب أن يكون إمكان الجزاء مستتبعا لامكان الشرط لان ماله هذه العلاقة مع المحال لا يكون ممكنا على ما هو المشهور من أن مستلزم المحال محال، وإلا فلاوجه لوجوب إمكان الجزاء والأول وإن كان شائع الإرادة من اللفظ إلا أن الثاني أيضا مذهب معروف للعرب كثير الدوران بينهم، وهو عمدة البلاغة ودعامتها، ومن ذلك قول الشاعر:
(٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * (أبواب تأويل الآيات والاخبار الموهمة لخلاف ما سبق) * باب 1 تأويل قوله تعالى: خلقت بيدي، وجنب الله، ووجه الله، ويوم يكشف عن ساق، وأمثالها، وفيه 20 حديثا. 1
3 باب 2 تأويل قوله تعالى: ونفخت فيه من روحي، وروح منه، وقوله صلى الله عليه وآله: خلق الله آدم على صورته، وفيه 14 حديثا. 11
4 باب 3 تأويل آية النور، وفيه سبعة أحاديث. 15
5 باب 4 معنى حجرة الله عز وجل، وفيه أربعة أحاديث. 24
6 باب 5 نفي الرؤية وتأويل الآيات فيها، وفيه 33 حديثا. 26
7 * (أبواب الصفات) * باب 1 نفي التركيب واختلاف المعاني والصفات، وأنه ليس محلا للحوادث والتغييرات، وتأويل الآيات فيها، والفرق بين صفات الذات وصفات الأفعال، وفيه 16 حديثا. 62
8 باب 2 العلم وكيفيته والآيات الواردة فيه، وفيه 44 حديثا. 74
9 باب 3 البداء والنسخ، وفيه 70 حديثا. 92
10 باب 4 القدرة والإرادة، وفيه 20 حديثا. 134
11 باب 5 أنه تعالى خالق كل شيء، وليس الموجد والمعدم إلا الله تعالى وأن ما سواه مخلوق، وفيه خمسة أحاديث. 147
12 باب 6 كلامه تعالى ومعنى قوله تعالى: قل لو كان البحر مدادا، وفيه أربعة أحاديث. 150
13 * أبواب أسمائه تعالى وحقائقها وصفاتها ومعانيها * باب 1 المغايرة بين الاسم والمعنى وأن المعبود هو المعنى والاسم حادث، وفيه ثمانية أحاديث. 153
14 باب 2 معاني الأسماء واشتقاقها وما يجوز إطلاقه عليه تعالى وما لا يجوز، وفيه 12 حديثا. 172
15 باب 3 عدد أسماء الله تعالى وفضل إحصائها وشرحها، وفيه ستة أحاديث. 184
16 باب 4 جوامع التوحيد، وفيه 45 حديثا. 212
17 باب 5 إبطال التناسخ، وفيه أربعة أحاديث. 320
18 باب 6 نادر، وفيه حديث. 322