بالصخور أرضه المائدة، وإنما أسند إلى الصفة لأنها العلة في إيجاد الجبال كما قال تعالى: " وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم " (1) وقال: " والجبال أوتادا ". (2) ثم اعلم أنهم اختلفوا في أنه لم صارت الجبال سببا لسكون الأرض على أقوال:
الأول: أن السفينة إذا ألقيت على وجه الماء فإنها تميل فإذا وضعت فيها أجرام ثقيلة استقرت، ولعل غرضهم أن الأرض إذا لم توتد بالجبال لأمكن أن تتحرك بتموج الهواء ونحوه حركة قسرية.
الثاني: ما ذكره الفخر الرازي حيث قال: قد ثبت أن الأرض كرة، وأن هذه الجبال بمنزلة خشونات وتضريسات (3) على وجه الكرة فلو فرضنا أن الأرض كانت كرة حقيقة لتحركت بالاستدارة بأدنى سبب لان الجرم البسيط المستدير يجب كونه متحركا على نفسه بأدنى سبب وإن لم تجب حركته بنفسه عقلا، أما إذا حصل على سطحها هذه الجبال فكل واحد إنما يتوجه بطبعه إلى المركز فيكون بمنزلة الأوتاد، ولا يخفى ما فيه من التشويش والفساد.
الثالث: ما يخطر بالبال وهو أن يكون مدخلية الجبال لعدم اضطراب الأرض بسبب اشتباكها واتصال بعضها ببعض في أعماق الأرض بحيث تمنعها عن تفتت أجزائها وتفرقها فهي بمنزلة الأوتاد المغروزة المثبتة في الأبواب المركبة من قطع الخشب الكثيرة بحيث تصير سببا لالتصاق بعضها ببعض وعدم تفرقها، وهذا معلوم ظاهر لمن حفر الابار في الأرض فإنها تنتهي عند المبالغة في حفرها إلى الأحجار الصلبة الرابع: ما أول بعضهم الآية به، وهو أن المراد بالأوتاد الأنبياء والعلماء، و بالأرض الدنيا فإنهم سبب استقرار الدنيا، ولا يخفى أنه لو استقام هذا الوجه في الآية لا يجري في كلامه عليه السلام إلا بتكلف لا يرتضيه عاقل.
الخامس: أن يقال المراد بالأرض قطعاتها وبقاعها لا مجموع كرة الأرض، و