بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٤ - الصفحة ٢٤٧
أقول: قد روي في ف والنهج مثل هذه الخطبة مع زيادات عن أمير المؤمنين عليه السلام وقد أوردتها في أبواب خطبه عليه السلام.
5 - نهج البلاغة، الإحتجاج: عن أمير المؤمنين عليه السلام: الحمد لله الذي لا يبلغ مدحته القائلون، ولا يحصي نعمه العادون، ولا يؤدي حقه المجتهدون، الذي لا يدركه بعد الهمم، ولا يناله غوص الفطن، (1) الذي ليس لصفته حد محدود، ولا نعت موجود، ولا وقت معدود، ولا أجل ممدود، فطر الخلائق بقدرته، ونشر الرياح برحمته، ووتد بالصخور ميدان أرضه، أول الدين معرفته، وكمال معرفته التصديق به، وكمال التصديق به توحيده، وكمال توحيده الاخلاص له، وكمال الاخلاص له نفي الصفات عنه لشهادة كل صفة أنها غير الموصوف، وشهادة كل موصوف أنه غير الصفة، فمن وصف الله سبحانه فقد قرنه، ومن قرنه فقد ثناه، ومن ثناه فقد جزاه، ومن جزاه فقد جهله، ومن أشار إليه فقد حده، ومن حده فقد عده، ومن قال: فيم فقد ضمنه، ومن قال: علام؟ فقد أخلا منه، كائن لاعن حدث، موجود لاعن عدم، مع كل شئ لا بمقارنة، وغير كل شئ لا بمزايلة، فاعل لا بمعنى الحركات والآلة، بصير إذ لا منظور إليه من خلقه، متوحد إذ لا سكن يستأنس به

(1) وغوصها: استغراقها في بحر المعقولات لتلتقط درر الحقيقة، وهي وإن بعدت في الغوص لا تنال حقيقة الذات الاقدس قال ابن ميثم: إسناد الغوص ههنا إلى الفطن على سبيل الاستعارة، إذ الحقيقة إسناده إلى الحيوان بالنسبة إلى الماء، وهو مستلزم لتشبيه المعقولات بالماء، ووجه الاستعارة ههنا أن صفات الجلال ونعوت الكمال لما كانت في عدم تناهيها والوقوف على حقائقها وأغوارها تشبه البحر الخضم الذي لا يصل السائح له إلى ساحل، ولا ينتهى الغائص فيه إلى قرار، وكان السائح لذلك البحر والخائض في تياره هي الفطن الثاقبة لاجرم كانت الفطنة شبيهة بالغائص في البحر فأسند الغوص إليها، وفى معناه الغوص إلى الفكر، ويقرب منه اسناد الادراك إلى بعد الهمم، إذ كان الادراك حقيقة في لحوق الجسم لجسم آخر. وإضافة الغوص إلى الفطن والبعد إلى الهمم إضافة لمعنى الصفة بلفظ المصدر إلى الموصوف، والتقدير: لا تناله الفطن الغائصة، ولا تدركه الهمم البعيدة. ووجه الحسن في هذه الإضافة وتقديم الصفة أن المقصود لما كان هو المبالغة في عدم إصابة ذاته تعالى بالفطنة من حيث هي ذات غوص وبالهمة من حيث هي بعيدة كانت تلك الحيثية مقصودة بالقصد الأول، والبلاغة تقتضي تقديم الأهم.
(٢٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 242 243 244 245 246 247 248 249 250 251 252 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * (أبواب تأويل الآيات والاخبار الموهمة لخلاف ما سبق) * باب 1 تأويل قوله تعالى: خلقت بيدي، وجنب الله، ووجه الله، ويوم يكشف عن ساق، وأمثالها، وفيه 20 حديثا. 1
3 باب 2 تأويل قوله تعالى: ونفخت فيه من روحي، وروح منه، وقوله صلى الله عليه وآله: خلق الله آدم على صورته، وفيه 14 حديثا. 11
4 باب 3 تأويل آية النور، وفيه سبعة أحاديث. 15
5 باب 4 معنى حجرة الله عز وجل، وفيه أربعة أحاديث. 24
6 باب 5 نفي الرؤية وتأويل الآيات فيها، وفيه 33 حديثا. 26
7 * (أبواب الصفات) * باب 1 نفي التركيب واختلاف المعاني والصفات، وأنه ليس محلا للحوادث والتغييرات، وتأويل الآيات فيها، والفرق بين صفات الذات وصفات الأفعال، وفيه 16 حديثا. 62
8 باب 2 العلم وكيفيته والآيات الواردة فيه، وفيه 44 حديثا. 74
9 باب 3 البداء والنسخ، وفيه 70 حديثا. 92
10 باب 4 القدرة والإرادة، وفيه 20 حديثا. 134
11 باب 5 أنه تعالى خالق كل شيء، وليس الموجد والمعدم إلا الله تعالى وأن ما سواه مخلوق، وفيه خمسة أحاديث. 147
12 باب 6 كلامه تعالى ومعنى قوله تعالى: قل لو كان البحر مدادا، وفيه أربعة أحاديث. 150
13 * أبواب أسمائه تعالى وحقائقها وصفاتها ومعانيها * باب 1 المغايرة بين الاسم والمعنى وأن المعبود هو المعنى والاسم حادث، وفيه ثمانية أحاديث. 153
14 باب 2 معاني الأسماء واشتقاقها وما يجوز إطلاقه عليه تعالى وما لا يجوز، وفيه 12 حديثا. 172
15 باب 3 عدد أسماء الله تعالى وفضل إحصائها وشرحها، وفيه ستة أحاديث. 184
16 باب 4 جوامع التوحيد، وفيه 45 حديثا. 212
17 باب 5 إبطال التناسخ، وفيه أربعة أحاديث. 320
18 باب 6 نادر، وفيه حديث. 322