8 - الإحتجاج: وقال عليه السلام في خطبة أخرى: لا يشمل بحد، ولا يحسب بعد، وإنما تحد الأدوات أنفسها، وتشير الآلات إلى نظائرها، منعتها منذ القدمة، وحمتها قد الأزلية، وجنبتها لولا التكملة، بها تجلى صانعها للعقول، (1) وبها امتنع من نظر العيون، (2) لا تجري عليه الحركة والسكون، وكيف يجري عليه ما هو أحراه؟ ويعود فيه ما هو أبداه؟ ويحدث فيه ما هو أحدثه؟ إذا لتفاوتت ذاته، ولجز أكنهه، ولامتنع من الأزل معناه، ولكان له وراء إذا وجد له أمام، ولالتمس التمام إذا لزمه النقصان، وإذا لقامت آية الممنوع فيه، ولتحول دليلا بعد أن كان مدلولا عليه، وخرج بسلطان الامتناع (3) من أن يؤثر فيه ما في غيره، الذي لا يحول ولا يزول، ولا يجوز عليه الأفول، (4) لم يلد فيكون مولودا، ولم يولد فيصير محدودا، جل عن اتخاذ الأبناء، وطهر عن ملامسة النساء، لا تناله الأوهام فتقدره، ولا تتوهمه الفطن فتصوره، ولا تدركه الحواس فتحسه، ولا تلمسه الأيدي فتمسه، ولا يتغير بحال، ولا يتبدل بالأحوال، ولا تبليه الليالي والأيام، ولا يغيره الضياء والظلام، ولا يوصف بشئ من الاجزاء، ولا بالجوارح والأعضاء، ولا بعرض من الاعراض، ولا بالغيرية والابعاض، ولا يقال: له حد ولا نهاية، ولا انقطاع ولا غاية، ولا أن الأشياء تحويه فتقله أو تهويه، ولا أن الأشياء تحمله فيميله أو يعد له، ليس في الأشياء بوالج (5) ولاعنها بخارج، يخبر لا بلسان و لهوات، ويسمع لا بخروق وأدوات، يقول ولا يلفظ، ويحفظ ولا يتحفظ، ويريد ولا يضمر، يحب ويرضى من غير رقة، ويبغض ويغضب من غير مشقة، يقول لما أراد كونه:
(٢٥٤)