المنافي لوجوب الوجود كما مر، ثم أشار عليه السلام إلى أن الأزلي لا يكون إلا من كان واجبا بالذات ممتنعا عن الحدوث، وإلا كان ممكنا محتاجا إلى صانع فلا يكون أزليا إذ كل مصنوع حادث، ويحتمل أن يكون المراد بامتناع الحدوث امتناع أن يحدث فيه الحوادث وكونه محلالها، وبيانه بأنه ينافي الأزلية والوجوب.
قوله عليه السلام: وكيف ينشئ الأشياء أي جميعها من لا يمتنع من كونه منشئا إذ هو نفسه ومن أنشأه لا يكونان من منشأته، فكيف يكون منشئا للجميع؟ أو أن منشئ كل شئ ومبدعه لا يكون إلا واجبا كما مر في باب " أنه تعالى خالق كل شئ "، ويحتمل أن يكون المراد عدم الامتناع من إنشاء شئ فيه إذ لا يجوز أن يكون منشئ تلك الصفة نفسه ولا غيره. ثم استدل على جميع ما تقدم بأنه لو كان فيه تلك الحوادث والتغيرات وإمكان الحدوث لقامت فيه علامة المصنوع، ولكان دليلا على وجود صانع آخر غيره كسائر الممكنات، لاشتراكه معهم في صفات الامكان، وما يوجب الاحتياج إلى العلة لا مدلولا عليه بأنه صانع.
قوله عليه السلام: ليس في محال القول حجة أي ليس في هذا القول المحال أي إثبات الحوادث والصفات الزائدة له حجة، ولا في السؤال عن هذا القول لظهور خطأه جواب، وليس في إثبات معنى هذا القول له تعالى تعظيم بل هو نقص له كما عرفت، وليس في إبانته تعالى عن الخلق في الاتصاف بتلك الصفات حيث نفيت عنه تعالى وأثبتت فيهم ضيم أي ظلم على الله تعالى، أو على المخلوقين إلا بأن الأزلي يمتنع من الثنينية، وإثبات الصفات الزائدة يوجب الاثنينية في الأزلي، وبأن ما لا بدأ له - على المصدر - أو بدئ له - على فعيل بمعنى مفعل - يمتنع من أن يبدأ ويكون له مبدأ، وما نسبوا إليه تعالى مما مر مستلزم لكونه تعالى ذا مبدأ وعلة فالمعنى: أنه لا يتوهم ظلم إلا بهذا الوجه، وهذا ليس بظلم، كما في قول الشاعر:
ولاعيب فيهم غير أن سيوفهم * بهن فلول من قراع الكتايب والعادلون بالله هم الذين يجعلون غيره تعالى معادلا ومتشابها له.