نثبت الصفات لتنبيه الخلق على اتصافه بها على وجه لا يستلزم النقص كما تقول: عالم لا كعلم العلماء، قادر لا كقدرة القادرين. وإنما قال: للتنبيه إشارة إلى أنه لا يمكن تعقل كنه صفاته تعالى، ثم بين عليه السلام ذلك بقوله: فكل ما في الخلق الخ.
ثم استدل عليه السلام بعدم جريان الحركة والسكون عليه بوجوه:
الأول: أنه تعالى أجراهما على خلقه وأحدثهما فيهم فكيف يجريان فيه، بناءا على ما مر مرارا من أنه تعالى لا يتصف بخلقه ولا يستكمل به؟ واستدل عليه بعضهم بأن المؤثر واجب التقدم بالوجود على الأثر فذلك الأثر إما أن يكون معتبرا في صفات الكمال فيلزم أن يكون تعالى باعتبار ما هو موجد له ومؤثر فيه ناقصا بذاته، مستكملا بذلك الأثر، والنقص عليه محال، وإن لم يكن معتبرا في صفات كماله فله الكمال المطلق بدون ذلك الأثر فكان إثباته له نقصا في حقه لان الزيادة على الكمال المطلق نقصان، وهو عليه تعالى محال، أو لأنه لو جريا عليه لم ينفك أحدهما عنه فيدل على حدوثه كما استدل المتكلمون على حدوث الأجسام بذلك، والأول أظهر لفظا . ومعنى الثاني: أنه يلزم أن تكون ذاته متفاوتة متغيرة بأن يكون تارة متحركا، وأخرى ساكنا، والواجب لا يكون محلا للحوادث والتغيرات، لرجوع التغير فيها إلى الذات.
الثالث: أنه يلزم أن يكون ذاته وكنهه متجزيا إما لان الحركة من لوازم الجسم، أو لان الحركة بأنواعها إنما تكون في شئ يكون فيه ما بالقوة وما بالفعل، أو لأنه يستلزم شركته مع الممكنات فيلزم تركبه مما به الاشتراك وما به الامتياز.
وأما قوله عليه السلام: ولامتنع إلى قوله: غير المبروء كالتعليل لما سبق.
قوله عليه السلام: ولو حد له وراء أي لو قيل: إن له وراءا وخلفا فيكون له أمام أيضا فيكون منقسما إلى شيئين ولو وهما فيلزم التجزي كما مر، ثم بين عليه السلام أنه لا يجوز أن يكون الله مستكملا بغيره، أو يحدث فيه كمال لم يكن فيه، وإلا لكان في ذاته ناقصا، والنقص منفي عنه تعالى بإجماع جميع العقلاء، وأيضا يستلزم الاحتياج إلى الغير في الكمل