بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٤ - الصفحة ٢٤٨
ولا يستوحش لفقده، أنشأ الخلق إنشاءا (1) وابتدأه ابتداءا بلا روية أجالها، ولا تجربة استفادها، ولا حركة أحدثها، ولا همامة نفس اضطرب فيها، أجل الأشياء لأوقاتها، (2) ولاءم بين مختلفاتها، وغرز غرائزها، وألزمها أشباحها، عالما بها قبل ابتدائها، محيطا بحدودها وانتهائها، عارفا بقرائنها وأحنائها.
بيان: الفقرة الأولى إقرار بالعجز عن الحمد باللسان كما أن الثانية اعتراف بالقصور عن الشكر بالجنان، والثالثة عن العمل بالأركان. والهمة: القصد والإرادة، وبعدها: علوها وتعلقها بالأمور العالية أي لا تدركه الهمم العالية المتعرضة لصعاب الأمور الطائرة إلى إدراك عوالي الأمور والفطن بكسر الفاء وفتح الطاء جمع فطنة بالكسر: الحذق وجودة استعداد الذهن لتصور ما يرد عليه، أي لا يصل إلى كنه حقيقته الفطن الغائصة في بحار الأفكار.
قوله عليه السلام: الذي ليس لصفته أي لا يدخل في صفاته الحقيقية حد محدود من الحدود والنهايات الجسمانية، ويحتمل أن يكون الصفة بمعنى التوصيف أي لا يمكن توصيفه بحد، ووصف الحد بالمحدود إما لان كل حد من الحدود الجسمانية فله حد أيضا كالسطح ينتهي إلى الخطو مثلا، أو على المبالغة كقولهم: شعر شاعر، ويمكن أن يقرأ على الإضافة وإن كان خلاف ما هو المضبوط، ويمكن أن يكون المعنى: أنه ليس لتوصيفه تعالى بصفات كماله حد ينتهى إليه بل محامده أكثر من أن تحصى، (3) ولا يوصف أيضا بنعت موجود أي بالصفات الزائدة ردا على الأشعري، وإنما قيد بقوله: موجود إذ لا ضير في توصيفه بالصفات الاعتبارية والإضافية، ويحتمل أن يكون

(1) وفي نسخة: أنشأ الخلق إنشاءا واحدا.
(2) في النهج: آجال الأشياء لأوقاتها.
(3) أو كان المعنى - كما حكى عن أبي الحسن الكندرى - بأن يؤول حد محدود على ما يؤول به كلام العرب: ولا يرى الضب بها ينحجر أي ليس بها ضب فينحجر، حتى يكون المراد أنه ليس له صفة فتحد، إذ هو تعالى واحد من كل وجه، منزه عن الكثرة بوجه ما فيمتنع أن يكون له صفة تزيد على ذاته، كما في سائر الممكنات، وصفاته المعلومة ليست من ذلك في شئ، إنما هي نسب وإضافات لا يوجب وصفه بها كثرة في ذاته، قال: ومما يؤكد هذا التأويل قوله بعد ذلك: فمن وصف الله سبحانه فقد قرنه.
(٢٤٨)
مفاتيح البحث: الشكر (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 243 244 245 246 247 248 249 250 251 252 253 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * (أبواب تأويل الآيات والاخبار الموهمة لخلاف ما سبق) * باب 1 تأويل قوله تعالى: خلقت بيدي، وجنب الله، ووجه الله، ويوم يكشف عن ساق، وأمثالها، وفيه 20 حديثا. 1
3 باب 2 تأويل قوله تعالى: ونفخت فيه من روحي، وروح منه، وقوله صلى الله عليه وآله: خلق الله آدم على صورته، وفيه 14 حديثا. 11
4 باب 3 تأويل آية النور، وفيه سبعة أحاديث. 15
5 باب 4 معنى حجرة الله عز وجل، وفيه أربعة أحاديث. 24
6 باب 5 نفي الرؤية وتأويل الآيات فيها، وفيه 33 حديثا. 26
7 * (أبواب الصفات) * باب 1 نفي التركيب واختلاف المعاني والصفات، وأنه ليس محلا للحوادث والتغييرات، وتأويل الآيات فيها، والفرق بين صفات الذات وصفات الأفعال، وفيه 16 حديثا. 62
8 باب 2 العلم وكيفيته والآيات الواردة فيه، وفيه 44 حديثا. 74
9 باب 3 البداء والنسخ، وفيه 70 حديثا. 92
10 باب 4 القدرة والإرادة، وفيه 20 حديثا. 134
11 باب 5 أنه تعالى خالق كل شيء، وليس الموجد والمعدم إلا الله تعالى وأن ما سواه مخلوق، وفيه خمسة أحاديث. 147
12 باب 6 كلامه تعالى ومعنى قوله تعالى: قل لو كان البحر مدادا، وفيه أربعة أحاديث. 150
13 * أبواب أسمائه تعالى وحقائقها وصفاتها ومعانيها * باب 1 المغايرة بين الاسم والمعنى وأن المعبود هو المعنى والاسم حادث، وفيه ثمانية أحاديث. 153
14 باب 2 معاني الأسماء واشتقاقها وما يجوز إطلاقه عليه تعالى وما لا يجوز، وفيه 12 حديثا. 172
15 باب 3 عدد أسماء الله تعالى وفضل إحصائها وشرحها، وفيه ستة أحاديث. 184
16 باب 4 جوامع التوحيد، وفيه 45 حديثا. 212
17 باب 5 إبطال التناسخ، وفيه أربعة أحاديث. 320
18 باب 6 نادر، وفيه حديث. 322