بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٤ - الصفحة ٢٤٣
وقد ولولا " في موضع الرفع بالفاعلية، والمعنى حينئذ: أن إطلاق لفظ " منذ وقد ولولا " على الآلات تمنعها عن كونها أزلية قديمة كاملة فلا تكون الآلات محددة له سبحانه، مشيرة إليه جل شأنه إذ هي لحدوثها ونقصها بعيدة المناسبة عن الكامل المطلق القديم في ذاته: أما الأولى فلأنها لابتداء الزمان، ولا ريب أن منذ وجدت الآلة تنافي قدمها، وأما الثانية فلأنها لتقريب الماضي من الحال فقولك: قد وجدت هذه الآلة تحكم بقربها من الحال وعدم أزليتها، وقوله: حمتها أي منعتها، وأما لولا فلان قولك إلى المستحسنة منها والمتوقد من الأذهان: ما أحسنها لولا أن فيها كذا فيدل على نقص فيها فيجنبها عن الكمال المطلق ويروى أيضا برفع القدمة والأزلية والتكملة على الفاعلية فتكون الضمائر المتصلة مفعولات أول، وقد ومنذ ولولا مفعولات ثانية، ويكون المعنى أن قدم الباري سبحانه وأزليته وكماله المطلق منعت الآلات والأدوات عن إطلاق لفظ قد و منذ ولولا عليه سبحانه لأنه تعالى قديم كامل، وقد ومنذ لا يطلقان إلا على محدث، ولولا لا تطلق إلا على ناقص.
أقول: ويحتمل أن يكون المراد القدمة التقديرية أي لو كانت قديمة لمنعت عن إطلاق مذ عليها، وكذا في نظيريها.
قوله عليه السلام: بها تجلى أي بمشاعرنا وخلقه إياها وتصويره لها تجلي لعقولنا بالوجود والعلم والقدرة. قوله عليه السلام: وبها امتنع أي بمشاعرنا استنبطنا استحالة كونه تعالى مرئيا بالعيون لأنا بالمشاعر والحواس كملت عقولنا، وبعقولنا استخرجنا الدلالة على أنه لا تصح رؤيته، أو بإيجاد المشاعر مدركة بحاسة البصر ظهر امتناعه عن نظر العيون لان المشاعر إنما تدرك بالبصر لأنها ذات وضع ولون وغيره من شرائط الرؤية فيها علمنا أنه يمتنع أن يكون محلا لنظر العيون، أو لما رأينا المشاعر إنما تدرك ما كان ذا وضع بالنسبة إليها علمنا أنه لا يدرك بها لاستحالة الوضع فيه.
ثم اعلم أنه على ما في تلك النسخ الفقرتان الأوليان مشتركتان إلا أنه يحتمل إرجاع الضميرين البارزين في منعتها وحمتها إلى الأشياء لا سيما إذا حملنا الأدوات والآلات على الحروف، وأما الثالثة فالمعنى أنه لولا أن الكلمة أي اللغات والأصوات أو الآراء والعزائم
(٢٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 238 239 240 241 242 243 244 245 246 247 248 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * (أبواب تأويل الآيات والاخبار الموهمة لخلاف ما سبق) * باب 1 تأويل قوله تعالى: خلقت بيدي، وجنب الله، ووجه الله، ويوم يكشف عن ساق، وأمثالها، وفيه 20 حديثا. 1
3 باب 2 تأويل قوله تعالى: ونفخت فيه من روحي، وروح منه، وقوله صلى الله عليه وآله: خلق الله آدم على صورته، وفيه 14 حديثا. 11
4 باب 3 تأويل آية النور، وفيه سبعة أحاديث. 15
5 باب 4 معنى حجرة الله عز وجل، وفيه أربعة أحاديث. 24
6 باب 5 نفي الرؤية وتأويل الآيات فيها، وفيه 33 حديثا. 26
7 * (أبواب الصفات) * باب 1 نفي التركيب واختلاف المعاني والصفات، وأنه ليس محلا للحوادث والتغييرات، وتأويل الآيات فيها، والفرق بين صفات الذات وصفات الأفعال، وفيه 16 حديثا. 62
8 باب 2 العلم وكيفيته والآيات الواردة فيه، وفيه 44 حديثا. 74
9 باب 3 البداء والنسخ، وفيه 70 حديثا. 92
10 باب 4 القدرة والإرادة، وفيه 20 حديثا. 134
11 باب 5 أنه تعالى خالق كل شيء، وليس الموجد والمعدم إلا الله تعالى وأن ما سواه مخلوق، وفيه خمسة أحاديث. 147
12 باب 6 كلامه تعالى ومعنى قوله تعالى: قل لو كان البحر مدادا، وفيه أربعة أحاديث. 150
13 * أبواب أسمائه تعالى وحقائقها وصفاتها ومعانيها * باب 1 المغايرة بين الاسم والمعنى وأن المعبود هو المعنى والاسم حادث، وفيه ثمانية أحاديث. 153
14 باب 2 معاني الأسماء واشتقاقها وما يجوز إطلاقه عليه تعالى وما لا يجوز، وفيه 12 حديثا. 172
15 باب 3 عدد أسماء الله تعالى وفضل إحصائها وشرحها، وفيه ستة أحاديث. 184
16 باب 4 جوامع التوحيد، وفيه 45 حديثا. 212
17 باب 5 إبطال التناسخ، وفيه أربعة أحاديث. 320
18 باب 6 نادر، وفيه حديث. 322