ولا مكان ولا حين ولا زمان، عدمت عند ذلك الآجال والأوقات، وزالت السنون و الساعات، فلا شئ إلا الواحد القهار الذي إليه مصير جميع الأمور، بلا قدرة منها كان ابتداء خلقها، وبغير امتناع منها كان فناؤها، ولو قدرت على الامتناع لدام بقاؤها، لم يتكاءده صنع شئ منها إذ صنعه، ولم يؤده منها خلق ما برأه وخلقه، ولم يكونها لتشديد سلطان، ولا لخوف من زوال ونقصان، ولا للاستعانة بها على ند؟ كاثر، ولا للاحتراز بها من ضد مشاور، ولا للازدياد بها في ملكه، ولا لمكاثرة شريك في شركه، ولا لوحشة كانت منه فأراد أن يستأنس إليها، ثم هو يفنيها بعد تكوينها لا لسأم (1) دخل عليه في تصريفها وتدبيرها، ولا لراحة واصلة إليه، ولا لثقل شئ منها عليه، لا يمله طول بقائها فيدعوه إلى سرعة إفنائها، لكنه سبحانه دبرها بلطفه، وأمسكها بأمره، وأتقنها بقدرته، ثم يعيدها بعد الفناء من غير حاجة منه إليها، ولا استعانة بشئ منها عليها، ولا لانصراف من حال وحشة إلى حال استيناس، ولا من حال جهل وعمى إلى حال علم و التماس، ولا من فقر وحاجة إلى غنى وكثرة، ولا من ذل وضعة إلى عز وقدرة.
تبيان: لا يشمل بحد أي بالحدود والنهايات الجسمانية، أو بالحد العقلي المركب من الجنس والفصل، ولا يحسب بعد أي بالاجزاء والصفات الزائدة المعدودة، وقال ابن أبي الحديد: يحتمل أن يريد لا يحسب أزليته بعد أي لا يقال له: منذ وجد كذا وكذا كما يقال للأشياء المتقدمة العهد، ويحتمل أن يريد به أنه ليس بمماثل للأشياء فيدخل تحت العدد كما تعد الجواهر وكما تعد الأمور المحسوسة أقول: وقد مر تفسير كثير من الفقرات.
قوله عليه السلام: إذا وجد له أمام أي لو جرت عليه الحركة لكان له أمام يتحرك إليه، وحينئذ يستلزم أن يكون له وراء لأنهما إضافتان لا تنفك إحديهما عن الأخرى وذلك محال لان كل ذي وجهين فهو منقسم، وكل منقسم ممكن، ويحتمل أن يكونا كنايتين عما بالقوة وما بالفعل، ليشمل سائر أنواع الحركة كما أو مأنا إليه سابقا.
قوله عليه السلام: ولالتمس التمام أي الحركة إنما تكون لتحصيل أمر بالقوة فمع عدمه ناقص، والنقص عليه محال.