لأنا بعد إفاضة المشاعر علمنا احتياجنا في الادراك إليها فحكمنا بتنزهه تعالى عنها لاستحالة احتياجه تعالى إلى شئ أو لما يحكم العقل به من المباينة بين الخالق والمخلوق في الصفات وقال ابن ميثم: لأنه لو كان له مشاعر لكان وجودها له إما من غيره وهو محال أما أولا فلانه مشعر المشاعر، وأما ثانيا فلانه يكون محتاجا في كماله إلى غيره فهو ناقص بذاته وهذا محال، وإما منه وهو أيضا محال لأنها إن كانت من كمالات ألوهيته كان موجدا لها من حيث هو فاقد كمالا فكان ناقصا بذاته وهذا محال، وإن لم تكن كمالا كان إثباتها له نقصا لان الزيادة على الكمال نقصان فكان إيجاده لها مستلزما لنقصانه وهو محال واعترض عليه بعض الأفاضل بوجوه: أحدها بالنقض لأنه لو تم ما ذكره يلزم أن لا يثبت له تعالى على الاطلاق صفة كمالية كالعلم والقدرة ونحوهما، وثانيها بالحل باختيار شق آخر وهو أن يكون ذلك المشعر عين ذاته سبحانه كالعلم والقدرة، وثالثها بأن هذا الكلام على تقدير تمامه استدلال برأسه لم يظهر فيه مدخلية قوله عليه السلام:
بتشعيره المشاعر في نفي المشعر عنه تعالى، وإنما استعمله في إثبات مقدمة لم تثبت به وقد ثبت بغيره ثم قال: فالأولى أن يقال: قد تقرر أن الطبيعة الواحدة لا يمكن أن يكون بعض أفرادها علة لبعض آخر لذاته فإنه لو فرض كون نار مثلا علة لنار فعلية هذه ومعلولية تلك إما لنفس كونهما نارا فلا رجحان لأحديهما في العلية وللأخرى في المعلولية بل يلزم أن يكون كل نار علة للأخرى بل علة لذاتها ومعلولة لذاتها وهو محال، وإن كانت العلية لانضمام شئ آخر فلم يكن ما فرضناه علة علة بل العلة حينئذ ذلك الشئ فقط لعدم الرجحان في إحديهما للشرطية والجزئية أيضا لاتحادهما من جهة المعنى المشترك، وكذلك لو فرض المعلولية لأجل ضميمة فقد تبين أن جاعل الشئ يستحيل أن يكون مشاركا لمجعلوه وبه يعرف أن كل كمال وكل أمر وجودي يتحقق في الموجودات الامكانية فنوعه وجنسه مسلوب عنه تعالى ولكن يوجد له ما هو أعلا وأشرف منه. أما الأول فلتعاليه