بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣ - الصفحة ١٣٧
المجلس الرابع: قال المفضل: فلما كان اليوم الرابع بكرت إلى مولاي فاستؤذن لي فأمرني بالجلوس فجلست، فقال عليه السلام: منا التحميد والتسبيح والتعظيم والتقديس للاسم الأقدم، والنور الأعظم العلي العلام، ذي الجلال والاكرام، ومنشئ الأنام، ومفتي العوالم والدهور، وصاحب السر المستور والغيب المحظور، والاسم المخزون والعلم المكنون، وصلواته وبركاته على مبلغ وحيه، ومؤدي رسالته، الذي ابتعثه بشيرا ونذيرا، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة، فعليه وعلى آله من بارئه الصلوات الطيبات والتحيات الزاكيات الناميات، وعليه وعليهم السلام والرحمة والبركات في الماضين والغابرين أبد الآبدين ودهر الداهرين وهم أهله ومستحقه.
قد شرحت لك يا مفضل من الأدلة على الخلق والشواهد على صواب التدبير والعمد في الانسان والحيوان والنبات والشجر وغير ذلك ما فيه عبرة لمن اعتبر، وأنا أشرح لك الآن الآفات الحادثة في بعض الأزمان التي اتخذها أناس من الجهال ذريعة إلى جحود الخالق والخلق والعمد والتدبير، وما أنكرت المعطلة والمنانية (1) من المكاره والمصائب وما أنكروه من الموت والفناء، وما قاله أصحاب الطبائع، ومن زعم أن كون الأشياء بالعرض والاتفاق ليتسع ذلك القول في الرد عليهم، قاتلهم الله أنى يؤفكون؟.
اتخذ أناس من الجهال هذه الآفات الحادثة في بعض الأزمان كمثل الوباء و اليرقان (2) والبرد والجراد ذريعة إلى جحود الخلق والتدبير والخالق، فيقال في جواب ذلك: إنه إن لم يكن خالق ومدبر فلم لا يكون ما هو أكثر من هذا وأفظع؟ فمن ذلك أن يسقط السماء على الأرض، وتهوي الأرض فتذهب سفلا، وتتخلف الشمس عن الطلوع أصلا، وتجف الأنهار والعيون حتى لا يوجد ماء للشفة، وتركد الريح حتى

(1) الظاهر: المانوية.
(2) اليرقان: مرض معروف يصيب الناس ويسبب اصفرار الجلد، وآفة للزرع، أو دود يسطو على الزرع. ولعل المراد المعنى الثاني لذكره قبل ذلك.
(١٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 1 ثواب الموحدين والعارفين، وبيان وجوب المعرفة وعلته، وبيان ما هو حق معرفته تعالى، وفيه 39 حديثا. 1
3 باب 2 علة احتجاب الله عز وجل عن خلقه، وفيه حديثان 15
4 باب 3 إثبات الصانع والاستدلال بعجائب صنعه على وجوده وعلمه وقدرته وسائر صفاته، وفيه 29 حديثا. 16
5 باب 4 توحيد المفضل. 57
6 باب 5 حديث الإهليلجية. 152
7 باب 6 التوحيد ونفي الشرك، ومعنى الواحد والأحد والصمد، وتفسير سورة التوحيد، وفيه 25 حديثا. 198
8 باب 7 عبادة الأصنام والكواكب والأشجار والنيرين وعلة حدوثها وعقاب من عبدها أو قرب إليها قربانا، وفيه 12 حديثا. 244
9 باب 8 نفي الولد والصاحبة، وفيه 3 أحاديث. 254
10 باب 9 النهي عن التفكر في ذات الله تعالى، والخوض في مسائل التوحيد، وإطلاق القول بأنه شيء، وفيه 32 حديثا. 257
11 باب 10 أدنى ما يجزي من المعرفة والتوحيد، وأنه لا يعرف الله إلا به، وفيه 9 أحاديث. 267
12 باب 11 الدين الحنيف والفطرة وصبغة الله والتعريف في الميثاق، وفيه 42 حديثا. 276
13 باب 12 إثبات قدمه تعالى وامتناع الزوال عليه وفيه 7 أحاديث. 283
14 باب 13 نفي الجسم والصورة والتشبيه والحلول والاتحاد، وأنه لا يدرك بالحواس والأوهام والعقول والأفهام، وفيه 47 حديثا. 287
15 باب 14 نفي الزمان والمكان والحركة والانتقال عنه تعالى، وتأويل الآيات والأخبار في ذلك، وفيه 47 حديثا. 309