المجلس الرابع: قال المفضل: فلما كان اليوم الرابع بكرت إلى مولاي فاستؤذن لي فأمرني بالجلوس فجلست، فقال عليه السلام: منا التحميد والتسبيح والتعظيم والتقديس للاسم الأقدم، والنور الأعظم العلي العلام، ذي الجلال والاكرام، ومنشئ الأنام، ومفتي العوالم والدهور، وصاحب السر المستور والغيب المحظور، والاسم المخزون والعلم المكنون، وصلواته وبركاته على مبلغ وحيه، ومؤدي رسالته، الذي ابتعثه بشيرا ونذيرا، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة، فعليه وعلى آله من بارئه الصلوات الطيبات والتحيات الزاكيات الناميات، وعليه وعليهم السلام والرحمة والبركات في الماضين والغابرين أبد الآبدين ودهر الداهرين وهم أهله ومستحقه.
قد شرحت لك يا مفضل من الأدلة على الخلق والشواهد على صواب التدبير والعمد في الانسان والحيوان والنبات والشجر وغير ذلك ما فيه عبرة لمن اعتبر، وأنا أشرح لك الآن الآفات الحادثة في بعض الأزمان التي اتخذها أناس من الجهال ذريعة إلى جحود الخالق والخلق والعمد والتدبير، وما أنكرت المعطلة والمنانية (1) من المكاره والمصائب وما أنكروه من الموت والفناء، وما قاله أصحاب الطبائع، ومن زعم أن كون الأشياء بالعرض والاتفاق ليتسع ذلك القول في الرد عليهم، قاتلهم الله أنى يؤفكون؟.
اتخذ أناس من الجهال هذه الآفات الحادثة في بعض الأزمان كمثل الوباء و اليرقان (2) والبرد والجراد ذريعة إلى جحود الخلق والتدبير والخالق، فيقال في جواب ذلك: إنه إن لم يكن خالق ومدبر فلم لا يكون ما هو أكثر من هذا وأفظع؟ فمن ذلك أن يسقط السماء على الأرض، وتهوي الأرض فتذهب سفلا، وتتخلف الشمس عن الطلوع أصلا، وتجف الأنهار والعيون حتى لا يوجد ماء للشفة، وتركد الريح حتى