بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣ - الصفحة ٥٧
* (باب 4) * * (الخبر المشتهر بتوحيد المفضل بن عمر) * روى محمد بن سنان قال: حدثنا المفضل بن عمر قال: كنت ذات يوم بعد العصر جالسا في الروضة بين القبر والمنبر، وأنا مفكر فيما خص الله به سيدنا محمدا صلى الله عليه وآله من الشرف والفضائل، وما منحه وأعطاه وشرفه به وحباه (1) مما لا يعرفه الجمهور من الأمة، وما جهلوه من فضله وعظيم منزلته وخطر مرتبته، (2) فإني لكذلك إذ أقبل ابن أبي العوجاء فجلس بحيث أسمع كلامه فلما استقر به المجلس إذا رجل من أصحابه قد جاء فجلس إليه فتكلم ابن أبي العوجاء فقال: لقد بلغ صاحب هذا القبر العز بكماله، وحاز الشرف بجميع خصاله، ونال الحظوة في كل أحواله، فقال له صاحبه: إنه كان فيلسوفا ادعى المرتبة العظمى والمنزلة الكبرى، وأتى على ذلك بمعجزات بهرت العقول، وضلت فيها الأحلام، وغاصت الألباب على طلب علمها في بحار الفكر فرجعت خاسئات وهي حسير، فلما استجاب لدعوته العقلاء والفصحاء والخطباء دخل الناس في دينه أفواجا فقرن اسمه باسم ناموسه، فصار يهتف به على رؤوس الصوامع في جميع البلدان، والمواضع التي انتهت إليها دعوته، وعلت بها كلمته، وظهرت فيها حجته برا وبحرا وسهلا وجبلا في كل يوم وليلة خمس مرات، مرددا في الأذان والإقامة ليتجدد في كل ساعة ذكره، لئلا يخمل أمره. فقال ابن أبي العوجاء: دع ذكر محمد - صلى الله عليه وآله - فقد تحير فيه عقلي، وضل في أمره فكري، وحدثنا في ذكر الأصل الذي يمشى به. ثم ذكر ابتداء الأشياء وزعم أن ذلك بإهمال لا صنعة فيه ولا تقدير، ولا صانع له ولا مدبر، بل الأشياء تتكون من ذاتها بلا مدبر، وعلى هذا كانت الدنيا لم تزل ولا تزال.
بيان: الحوز: الجمع وكل من ضم إلى نفسه شيئا فقد حازه. والحظوة بالضم والكسر والحاء المهملة والظاء المعجمة: المكانة والمنزلة. والفيلسوف: العالم. وخسأ

(1) أي أعطاه.
(2) الخطر: الشرف وارتفاع القدر والمرتبة.
(٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 1 ثواب الموحدين والعارفين، وبيان وجوب المعرفة وعلته، وبيان ما هو حق معرفته تعالى، وفيه 39 حديثا. 1
3 باب 2 علة احتجاب الله عز وجل عن خلقه، وفيه حديثان 15
4 باب 3 إثبات الصانع والاستدلال بعجائب صنعه على وجوده وعلمه وقدرته وسائر صفاته، وفيه 29 حديثا. 16
5 باب 4 توحيد المفضل. 57
6 باب 5 حديث الإهليلجية. 152
7 باب 6 التوحيد ونفي الشرك، ومعنى الواحد والأحد والصمد، وتفسير سورة التوحيد، وفيه 25 حديثا. 198
8 باب 7 عبادة الأصنام والكواكب والأشجار والنيرين وعلة حدوثها وعقاب من عبدها أو قرب إليها قربانا، وفيه 12 حديثا. 244
9 باب 8 نفي الولد والصاحبة، وفيه 3 أحاديث. 254
10 باب 9 النهي عن التفكر في ذات الله تعالى، والخوض في مسائل التوحيد، وإطلاق القول بأنه شيء، وفيه 32 حديثا. 257
11 باب 10 أدنى ما يجزي من المعرفة والتوحيد، وأنه لا يعرف الله إلا به، وفيه 9 أحاديث. 267
12 باب 11 الدين الحنيف والفطرة وصبغة الله والتعريف في الميثاق، وفيه 42 حديثا. 276
13 باب 12 إثبات قدمه تعالى وامتناع الزوال عليه وفيه 7 أحاديث. 283
14 باب 13 نفي الجسم والصورة والتشبيه والحلول والاتحاد، وأنه لا يدرك بالحواس والأوهام والعقول والأفهام، وفيه 47 حديثا. 287
15 باب 14 نفي الزمان والمكان والحركة والانتقال عنه تعالى، وتأويل الآيات والأخبار في ذلك، وفيه 47 حديثا. 309