هذا البردي (1) وما أشبهها، ففيها مع هذا من ضروب المنافع فقد يتخذ من البردي القراطيس التي يحتاج إليها الملوك والسوقة، والحصر التي يستعملها كل صنف من الناس، وليعمل منه الغلف التي يوقى بها الأواني، ويجعل حشوا بين الظروف في الأسفاط (2) لكيلا تعيب وتنكسر، وأشباه هذا من المنافع فاعتبر بما ترى من ضروب المآرب في صغير الخلق وكبيره وبماله قيمة ومالا قيمة له، وأخس من هذا وأحقره الزبل والعذرة التي اجتمعت فيها الخساسة والنجاسة معا، وموقعها من الزروع والبقول والخضر أجمع الموقع الذي لا يعد له شئ حتى أن كل شئ من الخضر لا يصلح ولا يزكو إلا بالزبل والسماد الذي يستقذره الناس و يكرهون الدنو منه، واعلم أنه ليس منزلة الشئ على حسب قيمته، بل هما قيمتان مختلفتان بسوقين، وربما كان الخسيس في سوق المكتسب نفيسا في سوق العلم فلا تستصغر العبرة في الشئ لصغر قيمته، فلو فطنوا طالبوا الكيميا لما في العذرة لاشتروها بأنفس الأثمان وغالوا بها.
قال المفضل: وحان وقت الزوال فقام مولاي إلى الصلاة وقال: بكر إلي غدا إن شاء الله، فانصرفت وقد تضاعف سروري بما عرفنيه مبتهجا بما آتانيه، حامدا لله على ما منحنيه فبت ليلتي مسرورا.
بيان: قوله عليه السلام: ليصلح بيان لما يتحصل مما مر لا للمتانة فقط. والنزف:
النزح: قوله عليه السلام: هب الانسان أي سلمنا أنه كذلك. والحصر بالضم: اعتقال البطن.
والسوقة بالضم: الرعية للواحد والجمع والمذكر والمؤنث. والغلف بضمة وبضمتين وكركع: جمع غلاف. والزبل بالكسر: السرقين. وقال الفيروزآبادي: السماد: السرقين برماد وقال الجزري: هو ما يطرح في أصول الزرع والخضر من العذرة والزبل ليجود نباته. أقول: يدل ظاهرا على جواز استعمال العذرات النجسة في ذلك وربما يستدل به على تطهير الاستحالة.