بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣ - الصفحة ١٤٨
لطيف ينعقد من ماء البحر، وقال آخرون: هو أجزاء كثيرة مجتمعة من النار، وقال آخرون:
هو من جوهر خامس سوى الجواهر الأربع. ثم اختلفوا في شكلها فقال بعضهم: هي بمنزلة صفيحة عريضة، وقال آخرون: هي كالكرة المدحرجة. وكذلك اختلفوا في مقدارها فزعم بعضهم أنها مثل الأرض سواد، وقال آخرون: بل هي أقل من ذلك، وقال آخرون: هي أعظم من الجزيرة العظيمة. وقال أصحاب الهندسة: هي أضعاف الأرض مائة وسبعون مرة. ففي اختلاف هذه الأقاويل منهم في الشمس دليل على أنهم لم يقفوا على الحقيقة من أمرها، وإذا كانت هذه الشمس التي يقع عليها البصر و يدركها الحس قد عجزت العقول عن الوقوف على حقيقتها فكيف ما لطف عن الحس واستتر عن الوهم؟.
فإن قالوا: ولم استتر؟ قيل لهم: لم يستتر بحيلة يخلص إليها كمن يحتجب عن الناس بالأبواب والستور، وإنما معنى قولنا: استتر أنه لطف عن مدى ما تبلغه الأوهام، كما لطفت النفس وهي خلق من خلقه وارتفعت عن إدراكها بالنظر.
فإن قالوا: ولم لطف؟ - وتعالى عن ذلك علوا كبيرا - كان ذلك خطأ من القول لأنه لا يليق بالذي هو خالق كل شئ إلا أن يكون مبائنا لكل شئ، متعاليا عن كل شئ، سبحانه وتعالى.
فإن قالوا: كيف يعقل أن يكون مبائنا لكل شئ متعاليا؟ قيل لهم: الحق الذي تطلب معرفته من الأشياء هو أربعة أوجه: فأولها أن ينظر أموجود هو أم ليس بموجود والثاني أن يعرف ما هو في ذاته وجوهره. والثالث أن يعرف كيف هو وما صفته؟ والرابع أن يعلم لماذا هو ولاية علة؟ فليس من هذه الوجوه شئ يمكن المخلوق. أن يعرفه من الخالق حق معرفته غير أنه موجود فقط. فإذا قلنا: كيف وما هو؟ فممتنع علم كنهه و كمال المعرفة به، وأما لماذا هو فساقط في صفة الخالق لأنه جل ثناؤه علة كل شئ و ليس شئ بعلة له، ثم ليس علم الانسان بأنه موجود يوجب له أن يعلم ما هو كما أن علمه بوجود النفس لا يوجب أن يعلم ما هي وكيف هي، وكذلك الأمور الروحانية اللطيفة.
(١٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 1 ثواب الموحدين والعارفين، وبيان وجوب المعرفة وعلته، وبيان ما هو حق معرفته تعالى، وفيه 39 حديثا. 1
3 باب 2 علة احتجاب الله عز وجل عن خلقه، وفيه حديثان 15
4 باب 3 إثبات الصانع والاستدلال بعجائب صنعه على وجوده وعلمه وقدرته وسائر صفاته، وفيه 29 حديثا. 16
5 باب 4 توحيد المفضل. 57
6 باب 5 حديث الإهليلجية. 152
7 باب 6 التوحيد ونفي الشرك، ومعنى الواحد والأحد والصمد، وتفسير سورة التوحيد، وفيه 25 حديثا. 198
8 باب 7 عبادة الأصنام والكواكب والأشجار والنيرين وعلة حدوثها وعقاب من عبدها أو قرب إليها قربانا، وفيه 12 حديثا. 244
9 باب 8 نفي الولد والصاحبة، وفيه 3 أحاديث. 254
10 باب 9 النهي عن التفكر في ذات الله تعالى، والخوض في مسائل التوحيد، وإطلاق القول بأنه شيء، وفيه 32 حديثا. 257
11 باب 10 أدنى ما يجزي من المعرفة والتوحيد، وأنه لا يعرف الله إلا به، وفيه 9 أحاديث. 267
12 باب 11 الدين الحنيف والفطرة وصبغة الله والتعريف في الميثاق، وفيه 42 حديثا. 276
13 باب 12 إثبات قدمه تعالى وامتناع الزوال عليه وفيه 7 أحاديث. 283
14 باب 13 نفي الجسم والصورة والتشبيه والحلول والاتحاد، وأنه لا يدرك بالحواس والأوهام والعقول والأفهام، وفيه 47 حديثا. 287
15 باب 14 نفي الزمان والمكان والحركة والانتقال عنه تعالى، وتأويل الآيات والأخبار في ذلك، وفيه 47 حديثا. 309