فقال عليه السلام: أتعلم أنك تعمل بكتاب الله ولست ممن ورثه، وأنك قياس وأول من قاس إبليس، ولم يبن دين الاسلام على القياس، وأنك صاحب رأي، وخص الله نبية بالرأي في قوله (فاحكم بينهم بما أراك الله) (1) فكان رأيه صوابا ومن دونه خطأ، ومن أنزلت عليه الحدود أولى منك بعلمها، وأعلم منك بمباعث الأنبياء، ولخاتم الأنبياء أعلم بمباعثهم منك، ولولا أن يقال دخل أبو حنيفة على جعفر ابن رسول الله صلى الله عليه وآله فلم يسأله عن شئ لما سألتك، فقس ان كنت مقيسا، فقال: والله لا تكلمت به بعدها، فقال عليه السلام: كلا ان حب الرئاسة غير تاركك كما لم يترك من كان قبلك (2). انتهى كلامه عليه السلام.
ونقل (3) أنه أتاه رجل من الشرق بكتاب سمعه منه، فرجع عنه، فنادى: عام أول أفتاني بهذا، فأهرقت به الدماء وأبحت به النساء، قال أبو حنيفة: هذا رأي رجعت عنه، قال: أفيجوز أن ترى من قابل غيره أيضا؟ قال: لا أدري، قال:
لكني أدري ان من أخذ عنك فهو ضال.
قال الغزالي: أجاز أبو حنيفة وضع الحديث على وفق مذهبه.
قال يوسف بن أسباط: قال أبو حنيفة: لو أدركني رسول الله لأخذ بكثير من أقوالي.
قال الحكم بن هشام قلت لأبي حنيفة: ما تقول هو الحق بعينه؟ قال: ما أدري، ولعله الباطل بعينه.